وهذا حال القلوب عند ورود الحق المنزل عليها: قلب يفتتن به كفراً وجحوداً. وقلب يزداد به إيمانا وتصديقا، وقلب يتيقنه، فتقوم عليه به الحجة، وقلب يوجب له حيرة وعمى، فلا يدرى ما يراد به.
واليقين وعدم الريب فى هذا الموضع، إن رجعا إلى شىء واحد، كان ذكر عدم الريب مقررا لليقين ومؤكدا له، ونافيا عنه ما يضاده بوجه من الوجوه. وإن رجعا إلى شيئين، بأن يكون اليقين راجعا إلى الخبر المذكور عن عدة الملائكة، وعدم الريب عائدًا إلى عموم ما أخبر الرسول به، لدلالة هذا الخبر الذى لا يعلم إلا من جهة الرسل على صدقه، فلا يرتاب من قد عرف صحة هذا الخبر بعد صدق الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ظهرت فائدة ذكره.
والمقصود: ذكر مرض القلب وحقيقته.
وقال تعالى {يَا أَيُّها النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبكُمْ وَشِفَاءٌ لما فِى الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}[يونس: ٥٧] .
فهو شفاء لما فى الصدور من مرض الجهل والغى، فإن الجهل مرض شفاؤه العلم والهدى. والغى مرض شفاؤه الرشد، وقد نزه الله سبحانه نبيه عن هذين الداءين. فقال: