المذكور: إنه من القربات والطاعات، قول مخالف لإجماع المسلمين، ومن خالف إجماعهم، فعليه ما فى قوله تعالى:
{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنينَ نُوَلهِ مَا تَوَلّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً}[النساء: ١١٥] . وأطال الكلام فى الرد على هاتين الطائفتين اللتين بلاء الإسلام منهم: المحللون لما حرم الله، والمتقربون إلى الله بما يباعدهم عنه.
والشافعى وقدماء أصحابه، والعارفون بمذهبه: من أغلظ الناس قولاً فى ذلك.
وقد تواتر عن الشافعى أنه قال:"خلفت ببغداد شيئاً أحدثته الزنادقة، يسمونه التغبير، يصدون به الناس عن القرآن".
فإذا كان هذا قوله فى التغبير، وتعليله: أنه يصد عن القرآن، وهو شعر يزهد فى الدنيا، يغنى به مغنّ فيضرب بعض الحاضرين بقضيب على نطع أو مخذة على توقيع غنائه- فليت شعرى ما يقول فى سماع التغبير عنده كتفلة فى بحر. قد اشتمل على كل مفسدة، وجمع كل محرم، فالله بين دينه وبين كل متعلم مفتون، وعابد جاهل.
قال سفيان بن عيينة:"كان يقال: احذروا فتنة العالم الفاجر، والعابد الجاهل، فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون".
ومن تأمل الفساد الداخل على الأمة وجده من هذين المفتونين.
فصل
وأما مذهب الإمام أحمد؛ فقال عبد الله ابنه:"سألت أبى عن الغناء؟ فقال: الغناء ينبت النفاق فى القلب، لا يعجبنى"، ثم ذكر قول مالك:"إنما يفعله عندنا الفساق".
قال عبد الله: وسمعت أبى يقول: سمعت يحيى القطان يقول: "لو أن رجلاً عمل بكل رخصة، بقول أهل الكوفة فى النبيذ، وأهل المدينة فى السماع، وأهل مكة فى المتعة، لكان فاسقاً".