للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: اجعل لى مصايد، قال: مصايدك النساء، فالنساء أعظم شبكة له، يصطاد بهن الرجال، كما سيأتى إن شاء الله تعالى فى الفصل الذى بعد هذا.

والمقصود أن: الغناء المحرم قرآن الشيطان.

ولما أراد عدو الله أن يجمع عليه نفوس المبطلين قرنه بما يزينه من الألحان المطربة وآلات الملاهى والمعازف، وأن يكون من امرأة جملية، أو صبى جميل. ليكون ذلك أدعى إلى قبول النفوس لقرآنه، تعويضا به عن القرآن المجيد.

فصل

وأما تسميته بالصوت الأحمق، والصوت الفاجر.

فهى تسمية الصادق المصدوق، الذى لا ينطق عن الهوى.

فروى الترمذى من حديث ابن أبى ليلى عن عطاء عن جابر رضى الله عنه قال: "خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ تعَالى عليه وَآلهِ وسلمَ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ عَوْفٍ إِلى النَّخْلِ، فإِذَا ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ فَوَضَعَهُ فى حِجْرِهِ، ففاضت عَيْنَاهُ، فقَالَ عبد الرحمن: أَتَبْكِى، وَأَنْتَ تَنْهَى النَّاسَ؟ قالَ: إِنِّى لَمْ أَنْهَ عَنِ الْبُكَاءِ، وَإنمَا نَهَيْتُ عَنْ صَوْتَيْنِ أحْمقَيْنِ فَاجِرَيْنِ: صَوْتٍ عِنْدَ نَغَمَةٍ: لْهَوٍ وَلَعِبٍ وَمَزَامِيرَ شيْطَانٍ، وَصَوْتٍ عِنْدَ مُصِيبَةٍ: خَمْشِ وُجُوهٍ، وَشَقَّ جُيُوبٍ، وَرَنّةٍ وَهذَا هُوَ رَحْمَةٌ، وَمَنْ لا يَرْحَمُ لا يرحم لَوْلا أَنّهُ أَمْرٌ حَق، وَوَعْدٌ صِدْقٌ، وَأنّ آخِرَناَ سَيَلْحَقُ أوَّلَنَا، لَحَزِنّا عَلَيْكَ حُزْناً هُوَ أَشَدُّ مِنْ هذَا، وَإِنّا بِكَ لمَحْزُونُونَ، تَبْكِى الْعَيْنُ وَيَحزَنُ الْقَلْبُ، وَلا نَقُولُ مَا يُسْخِطُ الرَّبَّ". قال الترمذى: هذا حديث حسن.

فانظر إلى هذا النهى المؤكد، بتسميته صوت الغناء صوتا أحمق ولم يقتصر على ذلك، حتى وصفه بالفجور، ولم يقتصر على ذلك حتى سماه من مزامير الشيطان، وقد أقر النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أبا بكر الصديق على تسمية الغناء مزمور الشيطان فى الحديث الصحيح، كما سيأتى، فإن لم يستفد التحريم من هذا لم نستفده من نهى أبدا.

وقد اختلف فى قوله "لا تفعل" وقوله "نهيت عن كذا" أيهما أبلغ فى "التحريم"؟

<<  <  ج: ص:  >  >>