للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكرنا الشبهة التى دخلت على كثير من العباد فى حضوره حتى عدوه من القرب فمن أحب الوقوف على ذلك فهو مستوفى فى ذلك الكتاب، وإنما أشرنا ههنا إلى نبذة يسيرة فى كونه من مكايد الشيطان، وبالله التوفيق.

فصل

ومن مكايده التى بلغ فيها مرادة: مكيدة التحليل، الذى لعن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فاعله، وشبهه بالتيس المستعار، وعظم بسببه العار والشنار، وعير المسلمين به الكفار، وحصل بسببه من الفساد مالا يحصيه إلا رب العباد واستكريت له التيوس المستعارات، وضاقت به ذرعا النفوس الأبيات، ونفرت منه أشد من نفارها من السفاح وقالت: لو كان هذا نكاحاً صحيحاً لم يلعن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم من أتى بما شرعه من النكاح، فالنكاح سنته، وفاعل السنة مقرب غير ملعون، والمحلل مع وقوع اللعنة عليه بالتيس المستعار مقرون، فقد سماه رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بالتيس المستعار، وسماه السلف بمسمار النار، فلو شاهدت الحرائر المصونات، على حوانيت المحللين متبذلات، تنظر المرأة إلى التيس نظرة الشاة إلى شفرة الجازر، وتقول: يا ليتنى قبل هذا كنت من أهل المقابر، حتى إذا تشارطا على ما يجلب اللعنة والمقت، نهض واستتبعها خلفه للوقت، بلا زفاف ولا إعلان، بل بالتخفى والكتمان، فلا جهاز ينقل، ولا فراش إلى بيت الزوج يحول، ولا صواحب يهدينها إليه، ولا مصلحات يجلينها عليه، ولا مهر مقبوض ولا مؤخر ولا نفقة ولا كسوة تقدر، ولا وليمة ولا نثار، ولا دف إعلان ولا شعار، والزوج يبذل المهر وهذا التيس يطأ بالأجر، حتى إذا خلا بها وأرخى الحجاب، والمطلق والولى واقفان على الباب، دنا ليطهرها بمائه النجس الحرام، ويطيبها بلعنة الله ورسوله عليه الصلاة والسلام، حتى إذا قضيا عرس التحليل، ولم يحصل بينهما المودة والرحمة التى ذكرها الله تعالى فى التنزيل. فإنها لا تحصل باللعن الصريح، ولا يوجبها إلا النكاح الجائر الصحيح. فإن كان قد قبض أجرة ضرابه سلفاً وتعجيلاً، وإلا حبسها حتى تعطيه أجره طويلاً. فهل سمعتم بزوج لا يأخذ بالساق

<<  <  ج: ص:  >  >>