للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال له ابن الزبير: فجرّبْ نفسك، فو الله لئن فعلتها لأرجمنَّك بأحجارك".

فهذا قول ابن مسعود وابن عباس فى المتعة، وذاك قولهما وروايتهما فى نكاح التحليل.

الرابع: أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم لم يجئ عنه فى لعن المستمتع والمستمتع بها حرف واحد، وجاء عنه فى لعن المحلل والمحلل له، وعن الصحابة: ما قد تقدم.

الخامس: أن المستمتع له غرض صحيح فى المرأة، ولها غرض أن تقيم معه مدة النكاح. فغرضه المقصود بالنكاح مدة، والمحلل لا غرض له سوى أنه مستعار للضراب كالتيس. فنكاحه غير مقصود له، ولا للمرأة، ولا للولى، وإنما هو كما قال الحسن: "مسمار نار فى حدود الله" وهذه التسمية مطابقة للمعنى.

قال شيخ الإسلام: يريد الحسن: أن المسمار هو الذى يثبت الشئ المسمور، فكذلك هذا يثبت تلك المرأة لزوجها، وقد حرمها الله عليه.

السادس: أن المستمتع لم يحتل على تحليل ما حرم الله، فليس من المخادعين الذين يخادعون الله كأنما يخادعون الصبيان، بل هو ناكح ظاهراً وباطنا، والمحلل ماكر مخادع، متخذ آيات الله هزواً. ولذلك جاء فى وعيده ولعنه ما لم يجئ فى وعيد المستمتع مثله، ولا قريب منه.

السابع: أن المستمتع يريد المرأة لنفسه، وهذا هو سر النكاح ومقصوده، فيريد بنكاحه حلها له، ولا يطؤها حراماً، والمحلل لا يريد حلها لنفسه، وإنما يريد حلها لغيره، ولهذا سمى محللاً، فأين من يريد أن يحُل له وَطء امرأة يخاف أن يطأهاً حراماً إلى من لا يريد ذلك، وإنما يريد بنكاحها أن يحُل وطأها لغيره؟ فهذا ضد شرع الله ودنيه، وضد ما وُضع له النكاح.

الثامن: أن الفِطَر السليمة والقلوب التى لم يتمكن منها مرض الجهل والتقليد تنفر من التحليل أشد نفار، وتُعِّير به أعظم تعيير، حتى إن كثيراً من النساء تعير المرأة به أكثر مما تعيرها بالزنا، ونكاح المتعة لا تنفر منه الفطر والعقول، ولو نفرت منه لم يُبَح فى أول الإسلام.

التاسع: أن نكاح المتعة يشبه إجارة الدابة مدة للركوب، وإجارة الدار مدة للانتفاع

<<  <  ج: ص:  >  >>