الوقوع من باب التكهن والخرِصْ، والزيادة فى الحديث ما ليس فيه، ولا يدل عليه بشئ من وجوه الدلالات ألبتة، ولكن المقلد لا يبالى بنصرة تقليده بما اتفق له، وكيف يظن برسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أنه أجاز عمل من استهزأ بكتاب الله وصححه واعتبره فى شرعه وحكمه ونفذه؟ وقد جعله مستهزئاً بكتاب الله تعالى؟ وهذا صريح فى أن الله سبحانه وتعالى لم يشرع جمع الثلاث ولا جعله فى أحكامه.
فصل
وأما حديث ركانة "أنه طلق امرأته البتة، وأن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم استحلفه ما أراد بها إلا واحدة" فحديث لا يصح.
قال أبو الفرح بن الجوزى فى كتاب العلل له: قال أحمد: حديث ركانة ليس بشىء.
وقال الخلال فى كتاب العلل عن الأثرم: قلت لأبى عبد الله: حديث ركانة فى "البتة" فضعفه وقال "ذاك جعله بنيته".
وقال شيخنا: الأئمة الكبار العارفون بعلل الحديث كالإمام أحمد، والبخارى، وأبى عبيد، وغيرهم ضعفوا حديث ركانة "البتة" وكذلك أبو محمد بن حزم وقالوا: إن رواته قوم مجاهيل، لا تعرف عدالتهم وضبطهم، قال: وقال الإمام أحمد: حديث ركانة أنه طلق امرأته ألبتة لا يثبت. وقال أيضاً: حديث ركانة فى ألبتة ليس بشئ، لأن ابن إسحق يرويه عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس "أن ركانة طلق امرأته ثلاثاً" وأهل المدينة يسمون من طلق ثلاث، طلق البتة".
فإن قيل: فقد قال أبو داود: حديث "البتة" أصح من حديث ابن جريج "أن ركانة طلق امرأته ثلاثا" لأنهم أهل بيته وهم أعلم به، يعني وهم الذين رووا حديث "البتة".
فقال شيخنا في الجواب: أبو داود إنما رجح حديث "البتة" على حديث ابن جريج لأنه روى حديث ابن جريج من طريق فيها مجهول فقال: حدثنا أحمد ابن صالح حدثنا عبد الرزاق عن ابن جريج أخبرنى بعض ولد أبي رافع عن عكرمة عن ابن عباس قال: "طلق