للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ن وهم قوم كان للمساكين حق فى أموالهم، إذا جذوا نهاراً، بأن يلتقط المساكين ما يتساقط من التمر فأرادوا أن يجدوا ليلا ليسقط ذلك الحق لئلا يأتيهم مسكين وأنه عاقبهم بأنه أرسل على جنتهم طائفاً وهم نائمون فأصبحت كالصريم. وذلك لما تحيلوا على إسقاط نصيب المساكين بأن يصرموها مصبحين قبل مجئ المساكين، فكان فى ذلك عبرة لكل محتال على إسقاط حق من حقوق الله تعالى أو حقوق عباده.

الوجه السادس: أن الله تعالى أخبر [الأعراف: ١٦٣ ١٦٧] عن أهل السبت من اليهود بمسخهم قردة لما احتالوا على إباحة ما حرمه الله تعالى عليهم من الصيد بأن نصبوا الشباك يوم الجمعة، فلما وقع فيها الصيد أخذوه يوم الأحد. قال بعض الأئمة: ففى هذا زجر عظيم لمن يتعاطى الحيل على المناهى الشرعية ممن يتلبس بعلم الفقه وهو غير فقيه إذ الفقيه من يخشى الله تعالى بحفظ حدوده وتعظيم حرماته والوقوف عندها، ليس المحتال على إباحة محارمه وإسقاط فرائضه. ومعلوم أنهم لم يستحلوا ذلك تكذيباً لموسى عليه السلام وكفراً بالتوراة، وإنما هو استحلال تأويل واحتيال، ظاهره ظاهر الاتقاء، وباطنه باطن الاعتداء، ولهذا والله أعلم مسخوا قردة، لأن صورة القرد فيها شبه من صورة الإنسان وفى بعض ما يذكر من أوصافه شبه منه، وهو مخالف له فى الحد والحقيقة. فلما مسخ أولئك المعتدون دين الله تعالى بحيث لم يتمسكوا إلا بما يشبه

الدين فى بعض ظاهره دون حقيقته، مسخهم الله تعالى قردة، يشبهونهم فى بعض ظواهرهم دون الحقيقة جزاء وفاقاً، يوضحه:

الوجه السابع: أن بنى إسرائيل كانوا أكلى الربا وأموال الناس بالباطل كما قصه الله

<<  <  ج: ص:  >  >>