فمن ذلك: أن الشارع منع المتحيل على الميراث بقتل مورثه ميراثه، ونقله إلى غيره دونه لما احتال عليه بالباطل.
ومن ذلك: بطلان وصية الموصى له بمال إذا قتل الموصى.
ومن ذلك: بطلان تدبير المدَبَّر إذا قتل سيده ليعجل العتق.
ومن ذلك: تحريم المنكوحة فى عدتها على الزوج، تحريما مؤبداً، عند عمر ابن الخطاب، ومالك، وإحدى الروايتين عن أحمد، لما احتال على وطئها بصورة العقد المحرم.
ومن ذلك: ما لو احتال المريض على منع امرأته من الميراث بطلاقها، فإنها ترثه مادامت فى العدة، عند طائفة، وعند آخرين ترثه وإن انقضت عدتها، ما لم تتزوج، وعند طائفة: ترث وإن تزوجت.
ومن ذلك: بطلان إقرار المريض لوارثه بمال لأنه يتخذه حيلة على الوصية له. ونظائر ذلك كثيرة:
فالمحتال بالباطل معامل بنقبض قصده شرعاً وقدراً.
وقد شاهد الناس عيانا أنه من عاش بالمَكْرِمَاتَ بالفقر.
ولهذا عاقب الله سبحانه وتعالى من احتال على إسقاط نصيب المساكين وقت الجداد بحرمانهم الثمرة كلها.
وعاقب من احتال على الصيد المحرم بأن مسخهم قردة وخنازير.
وعاقب من احتال على أكل أموال الناس بالربا بأن يمحق ماله. كما قال تعالى: {يَمْحَقُ اللهُ الرِّبَا وَيُرْبى الصَّدَقَاتِ} [البقرة: ٢٧٦] .
فلا بد أن يمحق مال المرابى ولو بلغ ما بلغ.
وأصل هذا: أن الله سبحانه جعل عقوبات أصحاب الجرائم بضد ما قصدوا له بتلك الجرائم، فجعل عقوبة الكاذب إهدار كلامه ورده عليه.
وجعل عقوبة الغال من الغنيمة لما قصد تكثير ماله بالغلول: حرمانه سهمه، وإحراق متاعه.