فإِنه لا تشاء زانية تقول: زوجتك نفسى بكذا سراً من وليها، بغير شهود ولا إعلان ولا وليمة ولا دف ولا صوت إلا فعلت. ومعلوم قطعاً أن مفسدة الرنا لا تنتفى بقولها: أنكحتك نفسى، أو زوجتك نفسى. أو أبحتك منى كذا وكذا. فلو انتفت مفسدة الزنا بذلك لكان هذا من أيسر الأمور عليها وعلى الرجل.
فعظم الشارع أمر هذا العقد. وسد الذريعة إلى مشابهته للزنا بكل طريق. ثم أكد ذلك، بأن جعل له حريما من العدة يزيد على مقدار الاستبراء، وأثبت له أحكاماً من المصاهرة وحرمتها، ومن التوارث. ولهذا كان الراجح فى الدليل: أن الزنى لا يثبت حرمة المصاهرة كما لا يثبت التوارث والنفقة وحقوق الزوجية. ولا يثبت به النسب، ولا العدة على الصحيح. وإنما تستبرأ بحيضة ليعلم براءة رحمها، ولا يقع فيه طلاق، ولا ظهار، ولا إيلاء. ولا يثبت المحرمية بينه وبين أمها وابنتها. فلا يثبت حرمة المصاهرة ولا تحريمها. فإن الشارع جعل وصلة الصهر فيه مع وصلة النسب. وجمع بينهما فى قوله:{فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً}[الفرقان: ٥٤] .
فإذا انتفت وصلة النسب فيه انتفت وصلة الصهر.
وكنا ننصر القول بالتحريم ثم رأينا الرجوع إلى عدم التحريم أولى لاقتضاء الدليل له.
وليس المقصود استيفاء أدلة المسألة من الجانبين، وإنما الغرض التنبيه على أن من قواعد الشرع العظيمة: قاعدة سد الذرائع.
ومن ذلك: نهى النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أن تقام الحدود فى دار الحرب. وأن تقطع الأيدى فى الغزو، لئلا يكون ذلك ذريعة إلى لحاق المحدود بالكفار.
ومن ذلك: أن المسلم إذا احتاج إلى التزوج بدار الحرب، وخاف على نفسه الزنا عزل