للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المائعات بالمخالطة، وتحريم المصاهرة بالمباشرة، أحكام تثبت بأمور حسية فلا ترفع الأحكام مع وجود تلك الأسباب.

قلت: هذا كان قول الشيخ أولاً ثم رجع إلى أن تحريم المصاهرة لا يثبت بالمباشرة المحرمة. وحينئذ فصورة ذلك: أن ترضع ابنته الكبيرة أو أمته امرأته الصغيرة. لينفسخ نكاحها. فإن فسخ النكاح هاهنا لا يتوقف على العقل ولا على القصد، بل لو كانت المرضعة مجنونة يثبت التحريم، فهو بمنزلة أن يلقى فى مائعه ما ينجسه.

قال: وإن كانت الحيلة فعلا يفضى إلى تحليل له أو لغيره مثل أن يقتل رجلاً ليتزوج امرأته، أو يزوجها غيره. فهاهنا تحل المرأة لغير من قصد تزويجها به. فإنها بالنسبة إليه كمن مات عنها زوجها، أو قتل بحق أو فى سبيل الله. وأما بالنسبة إلى من قصد بالقتل أن يتزوج المرأة إما بمواطأة منها أو بدونها، فهذا يشبه من بعض الوجوه ما لو خلل الخمر بنقلها من موضع إلى موضع، من غير أن يطرح فيها شيئاً. والصحيح أنها لا تطهر، وإن كانت تطهر إذا تخللت بفعل الله تعالى. وكذلك هذا الرجل لو مات بدون هذا القصد حلت المرأة، فإذا قتله لهذا القصد أمكن أن يقال تحرم عليه مع حلها لغيره.

ويشبه هذا: الحلال إذا صاد الصيد وذبحه لحرام، فإنه يحرم على ذلك المحرم ويحل للحلال.

ومما يؤيد هذا: أن القاتل يمنع الإرث، ولا يمنعه غيره من الورثة. لكن لما كان مال الرجل تتطلع إليه نفوس الورثة كان القتل مما يقصد به المال، بخلاف الزوجة فإن ذلك لا يكاد يقصد، فإن التفات الرجل إلى امرأة غيره بالنسبة إلى التفات الورثة إلى مال المورث قليل. وكونه يقتله ليتزوجها، فهذا أقل. فلذلك لم يشرع أن من قتل رجلاً حرمت عليه امرأته، كما شرع أن من قتل مورثا منع ميراثه، فإذا قتله ليتزوج بها فقد وجدت الحكمة فيه فيعاقب بنقيض قصده.

وأكثر ما يقال فى رد هذا: أن الأفعال المحرمة لحق الله تعالى لا تفيد الحل، كذبح الصيد، وتحليل الخمر، والتذكية فى غير المحل. أما المحرم لحق الآدمى، كذبح المغصوب، فإنه بفيد الحل. أو يقال: إن الفعل المشروع لثبوت الحكم يشترط فيه وقوعه على الوجه

<<  <  ج: ص:  >  >>