وبعد، فالتحريم مطرد على قواعد أحمد، ومالك من وجوه متعددة.
منها: مقابلة الفاعل بنقيض قصده كطلاق الفار، وقاتل مورثه، وقاتل الموصى، والمدبر إذا قتل سيده.
ومنها: سد الذرائع.
ومنها: تحريم الحيل.
ومنها: تخليل الخمر كما ذكره شيخنا، والله تعالى أعلم.
قال: فتلخص أن الحيل نوعان: أقوال، وأفعال.
فالأقوال: يشترط لثبوت أحكامها العقل، ويعتبر فيها القصد، وتكون صحيحة تارة، وفاسدة أخرى.
ثم ما ثبت حكمه، منه ما يمكن فسخه ورفعه بعد وقوعه، كالبيع والنكاح. ومنه مالا يمكن فيه ذلك كالعتق والطلاق.
فهذا الضرب إذا قصد به الاحتيال على فعل محرم، أو إسقاط واجب أمكن إبطاله، إما من جميع الوجوه، وإما من الوجه الذى يبطل مقصود المحتال، بحيث لا يترتب عليه الحكم المحتال على حصوله، كما حكم به الصحابة رضوان الله تعالى عليهم فى طلاق الفار.
وأما الأفعال: فإن اقتضت الرخصة للمحتال لم تحصل كالسفر للقصر والفطر. وإن اقتضت تحريماً على الغير فإنه قد يقع وتكون بمنزلة إتلاف النفس والمال. وإن اقتضت حلاً عاماً إما بنفسها أو بواسطة زوال الملك، فهذه مسألة القتل وذبح الصيد للحلال، وذبح المغصوب للغاصب.
وبالجملة: فإذا قصد بالفعل استباحة محرم لم يحل له، وإن قصد إزالة ملك الغير ليحل له فالأقيس أن لا يحل له أيضاً وإن حل لغيره.
وقد دخل فى القسم الأول احتيال المرأة على فسخ النكاح بالردة، فهى لا تمشى غالبا إلا عند من يقول: الفرقة تنجز بنفس الردة، أو يقول: بأنها لا تقتل، فالواجب فى مثل هذه الحيلة: أن لا ينفسخ بها النكاح، وإذا علم الحاكم أنها ارتدت لذلك لم يفرق بينهما. وتكون مرتدة من حيث العقوبة والقتل، غير مرتدة من حيث فساد النكاح، حتى لو توفيت أو قتلت قبل الرجوع استحق ميراثها، لكن لا يجوز له وطؤها فى حالة الردة، فإن