إخلاص العمل ودام اليقين، فإذا أشرب القلب العبودية والإخلاص صار عند الله من المقربين، وشمله استثناء {إِلاّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}[الحجر: ٤٠] .
ولما من الله الكريم بلطفه بالاطلاع على ما اطلع عليه من أمراض القلوب وأدوائها، وما يعرض لها من وساوس الشياطين أعدائها، وما تثمر تلك الوساوس من الأعمال. وما يكتسب القلب بعدها من الأحوال. فإن العمل السيئ مصدر عن فساد قصد القلب، ثم يعرض للقلب من فساد العمل قسوة، فيزداد مرضا على مرضه حتى يموت، ويبقى لا حياة فيه ولا نور له. وكل ذلك من انفعاله لوسوسة الشيطان، وركونه إلى عدوه الذى لا يفلح. إلى من جاهده بالعصيان: أردت أن أقيد ذلك فى هذا الكتاب، لأستذكره معترفا فيه لله بالفضل والإحسان، ولينتفع له من نظر فيه داعيا لمؤلفه بالمغفرة والرحمة والرضوان، وسميته " إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان " ورتبته ثلاثة عشر بابا:
الباب الأول: فى انقسام القلوب إلى صحيح وسقيم وميت.
الباب الثانى: فى ذكر حقيقة مرض القلب.
الباب الثالث: فى انقسام أدوية أمراض القلب إلى طبيعية وشرعية.
الباب الرابع: فى أن حياة القلب وإشراقة مادة كل خير فيه، وموته وظلمته مادة كل شر (وفتنة) فيه.
الباب الخامس: فى أن حياة القلب وصحته لا تحصل إلا بأن يكون مدركا للحق مريدا له مؤثرا له على غيره.
الباب السادس: فى أنه لا سعادة للقلب ولا لذة ولا نعيم ولا صلاح إلا بأن يكون إلهه وفاطره وحده هو معبوده وغاية مطلوبه، وأحب إليه مما سواه.
الباب السابع: فى أ، القرآن الكريم متضمن لأدوية القلب وعلاجه من جميع أمراضه.