باقيه، خرج عن موجب العقد، وكان قد أقرضه مائة، فوفاه تسعين، بلا منفعة حصلت للمقرض، بل اختص المقترض بالمنفعة، فهو كالمربى سواء فى اختصاصه بالمنفعة، دون الآخر، وأما فى البيع والإجارة فإنهما يملكان فسخ العقد، وجعل العوض حالاً أنقص مما كان، وهذا هو حقيقة الوضع والتعجيل، لكن تحيلا عليه، والعبرة فى العقود بمقاصدها لا بصورها. فإن كان الوضع والتعجيل مفسدة فالاحتيال عليه لا يزيل مفسدته، وإن لم يكن مفسدة لم يحتج إلى الاحتيال عليه.
فتلخص فى المسألة أربعة مذاهب:
المنع مطلقاً، بشرط، وبدونه، فى دين الكتابة وغيره، كقول مالك.
وجوازه فى دين الكتابة، دون غيره، كالمشهور من مذهب أحمد وأبى حنيفة.
وجوازه فى الموضعين. كقول ابن عباس، وأحمد فى الرواية الأخرى.
وجوازه بلا شرط، وامتناعه مع الشرط المقارن، كقول أصحاب الشافعى، والله أعلم.
المثال الحادى والعشرون: إذا كان له عليه ألف درهم، فصالحه منها على مائة درهم يؤديها إليه فى شهر كذا من سنة كذا، فإن لم يفعل فعليه مائتان، فقال القاضى أبو يعلى: هو جائز، وقد أبطله قوم آخرون.
والحيلة فى جوازه على مذهب الجميع: أن يعجل رب المال حط ثمانمائة بَتا، ثم يصالح عن المطلوب من المائتين الباقيتين على مائة، يؤديها إليه فى شهر كذا، على أنه إن أخرها عن هذا الوقت فلا صلح بينهما.
المثال الثانى والعشرون: إذا كاتب عبده على ألف يؤديها إليه فى سنتين، فإن لم يفعل فعليه ألف أخرى، فهى كتابة فاسدة، ذكره القاضى، لأنه علق إيجاب المال بخطر ولا يجوز ذلك.
والحيلة فى جوازه: أن يكاتبه على ألفى درهم، ثم يصالحه منها على ألف درهم يؤديها إليه فى سنتين. فإن لم يفعل فلا صلح بينهما، فيكون قد علق الفسخ بخطر، فيجوز. وتكون كالمسألة التى قبلها.
المثال الثالث والعشرون: إذا كان له عليه دين حال فصالحه على تأجيله، أو تأجيل بعضه،