للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمَا ثَبَتَ الإيمَانُ يَوْماَ بِقَلْبِهِ ... عَلَى هذِه العِلاّتِ، وَالأَمْرُ أَعْظَمُ

وَلا طَاوَعَتْهُ النّفْسُ فى تَرْكِ شَهْوَةٍ ... مَخَافَةَ نَارٍ جَمْرهَا يَتَضَرَّمُ

وَلا خَافَ يَوْماً منْ مَقَامِ إلهِهِ ... عَلَيْهِ بحُكْمِ القِسْطِ، إذْ لَيْسَ يَظْلِمُ

فصل

والفتنة نوعان: فتنة الشبهات. وهى أعظم الفتنتين، وفتنة الشهوات.

وقد يجتمعان للعبد. وقد ينفرد بإحداهما.

ففتنة الشبهات من ضعف البصيرة، وقلة العلم، ولا سيما إذا اقترن بذلك فساد القصد، وحصول الهوى، فهنالك الفتنة العظمى، والمصيبة الكبرى، فقل ما شئت فى ضلال سيئ القصد، الحاكم عليه الهوى لا الهدى، مع ضعف بصيرته، وقلة علمه بما بعث الله به رسوله، فهو من الذين قال الله تعالى فيهم:

{إِنْ يَتّبِعُونَ إلا الظّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنُفُسُ} [النجم: ٢٣] .

وقد أخبر الله سبحانه أن اتباع الهوى يضل عن سبيل الله، فقال: {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِى الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتّبِعِ الْهَوَى فَيضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بَما نَسُوا يَوْمَ الحِسَابِ} [ص: ٢٦] .

وهذه الفتنة مآلها إلى الكفر والنفاق، وهى فتنة المنافقين، وفتنة أهل البدع، على حسب مراتب بدعهم. فجميعهم إنما ابتدعوا من فتنة الشبهات التى اشتبه عليهم فيها الحق بالباطل، والهدى بالضلال.

ولا ينُجى من هذه الفتنة إلا تجريد اتباع الرسول، وتحكيمه فى دِقِّ الدين وجِلِّه، ظاهره وباطنه، عقائده وأعماله، حقائقه وشرائعه، فيتلقى عنه حقائق الإيمان وشرائع الإسلام. وما يثبته الله من الصفات والأفعال، والأسماء، وما ينفيه عنه، كما يتلقى عنه وجوب الصلوات وأوقاتها وأعدادها، ومقادير نُصبُ الزكاة ومستحقيها، ووجوب الوضوء والغسل

<<  <  ج: ص:  >  >>