ولهذا أمر الله سبحانه رسوله والمؤمنين باتباع ما أنزل إليهم، وهو طاعته، وهو المقدمة الأولى، وأمر بانتظار وعده، وهو المقدمة الثانية، وأمر بالاستغفار والصبر لأن العبد لا بد أن يحصل له نوع تقصير وسرف يزيله الاستغفار، ولا بد فى انتظار الوعد من الصبر، فبالاستغفار تتم الطاعة. وبالصبر يتم اليقين بالوعد. وقد جمع الله سبحانه بينهما فى قوله:
وتمام الكلام فى هذا المقام العظيم يتبين بأصول نافعة جامعة.
الأول: أن ما يصيب المؤمنين من الشرور والمحن والأذى دون ما يصيب الكفار. والواقع شاهد بذلك. وكذلك ما يصيب الأبرار فى هذه الدنيا دون ما يصيب الفجار والفساق والظلمة بكثير.
الأصل الثانى: أن ما يصيب المؤمنين فى الله تعالى مقرون بالرضا والاحتساب، فإن فاتهم الرضا فمعوَّلهم على الصبر، وعلى الاحتساب، وذلك يخفف عنهم ثقل البلاء، ومؤنته، فإنهم كلما شاهدوا العوض هان عليهم تحمل المشاق والبلاء والكفار لا رضا عندهم ولا احتساب، وإن صبروا فكصبر البهائم، وقد نبه تعالى على ذلك بقوله: