للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قنديلا أو يقول القائل: ما شاء الله وشاء فلان. ونحو ذلك، حذرا من هذا التشبيه الذى هو أصل الشرك.

وأما إثبات صفات الكمال فهو أصل التوحيد.

فتبين أن المشبهة هم الذين يشبهون المخلوق بالخالق فى العبادة والتعظيم والخضوع، والحلف به، والنذر له، والسجود له، والعكوف عند بيته، وحلق الرأس له، والاستغاثة به، والتشريك بينه وبين الله، فى قولهم: ليس لى إلا الله وأنت، وأنا متكل على الله وعليك. وهذا من الله ومنك. وأنا فى حسب الله وحسبك، وما شاء الله وشئت. وهذا لله ولك. وأمثالك ذلك.

فهؤلاء هم المشبهة حقا، لا أهل التوحيد، المثبتون لله ما أثبته لنفسه، والنافون عنه ما نفاه عن نفسه، الذين لا يجعلون له ندا من خلقه، ولا عدلا، ولا كفؤا، ولا سميا، وليس لهم من دونه ولى ولا شفيع.

فمن تدبر هذا الفصل حق التدبر تبين له كيف وقعت الفتنة فى الأرض بعبادة الأصنام، وتبين له سر القرآن فى الإنكار على هؤلاء المشبهة الممثلة، ولا سيما إذا جمعوا إلى هذا التشبيه تعطيل الصفات والأفعال. كما هو الغالب عليهم. فيجمعون بين تعطيل الرب سبحانه عن صفات كماله، وبين تشبيه خلقه به.

فصل

ومن كيده وتلاعبه: ما تلاعب بعباد النار، حتى اتخذوها إلها معبودة.

وقد قيل: إن هذا كان من عهد قابيل. كما ذكر أبو جعفر محمد بن جرير: "أنه لما قتل قابيل هابيل وهرب من أبيه آدم عليه السلام. أتاه إبليس. فقال له: إن هابيل إنما قبل قربانه وأكلته النار، لأنه كان يخدمها ويعبدها، فانصب أنت أيضاً نارا تكون لك ولعقبك. فبنى بيت نار، فهو أول من نصب النار وعبدها".

وسرى هذا المذهب فى المجوس، فبنوا لها بيوتا كثيرة، واتخذوا لها الوقوف والسدنة

<<  <  ج: ص:  >  >>