وهم طائفة قالوا: الصانع اثنان، ففاعل الخير نور، وفاعل الشر ظلمة، وهما قديمان لم يزالا ولن يزالا قويين حساسين، مدركين، سميعين، بصيرين، وهما مختلفان فى النفس والصورة، متضادان فى الفعل والتدبير. فالنور فاضل حسن نقى، طيب الريح حسن المنظر، ونفسه خيرة، كريمة، حكيمة، نفاعة، منها الخيرات والمسرات، والصلاح. وليس فيها شيء من الضرر، ولا من الشر.
والظلمة على ضد ذلك: من الكدر، والنقص، ونتن الريح، وقبح المنظر، ونفسها نفس شريرة، بخيلة، سفيهة. منتنة، مضرة، منها الشر والفساد.
ثم اختلفوا، فقالت منهم: إن النور لم يزل فوق الظلمة.
وقالت فرقة: بل كل واحد منهما إلى جانب الآخر.
وقالت فرقة: النور لم يزل مرتفعا فى ناحية الشمال، والظلمة منحطة فى الجنوب، ولم يزل كل واحد منهما مباينا لصاحبه.
وزعموا أن لكل واحد منهما أربعة أبدان، وخامس هو الروح. فأبدات النور الأربعة: النار، والنور، والريح، والماء، وروحه: النسيم، ولم يزل يتحرك فى هذه الأبدان.