ثم ذهب أريوس يدعو إلى مقالته، وينفر النصارى عن أولئك الثلاثمائة والثمانية عشر. فجمع جمعا عظيما، وصاروا إلى بيت المقدس، وخالف بكثير من النصارى لأولئك المجمع.
فلما اجتمعوا قال أريوس: إن أولئك النفر تعدوا على، وظلمونى، ولم ينصفونى فى الحجاج، وحرمونى ظلما وعدوانا. ووافقه كثير من الذين معه. وقالوا: صدق. فوثبوا عليه فضربوه، حتى كاد أن يقتل لولا ابن أخت الملك خلصه. وافترقوا على هذه الحال.
ثم كان لهم مجمع ثالث بعد ثمان وخمسين سنة من المجمع الأول. اجتمع الوزراء والقواد إلى الملك، وقالوا: إن مقالة الناس قد فسدت، وغلب عليهم مقالة أريوس، فاكتب إلى جميع البتاركة والأساقفة: أن يجتمعوا، ويوضحوا دين النصرانية، فكتب الملك إلى سائر بلاده. فاجتمع بقسطنطينية مائة وخمسون أسقفا. وكان مقدموهم بترك الإسكندرية، وبترك أنطاكية، وبترك بيت المقدس. فنظروا فى مقالة أريوس.
وكان من مقالته: أن روح القدس مخلوق مصنوع، ليس بإله.
فقال بترك الإسكندرية: ليس لروح القدس عندنا معنى غير روح الله تعالى وليس روح الله تعالى شيئا غير حياته. فإذا قلنا: إن روح القدس مخلوق، فقد قلنا: إن روح الله مخلوق. وإذا قلنا: إن روح الله مخلوقة، فقد قلنا: إن حياته مخلوقة. فقد جعلناه غير حى. ومن جعله غير حى فقد كفر. ومن كفر وجب عليه اللعن.
فلعنوا بأجمعهم أريوس وأشياعه وأتباعه، والبتاركة الذين قالوا بمقالته، وبينوا أن روح القدس خالق غير مخلوق، إله حق، وأن طبيعة الأب والابن جوهر واحد، وطبيعة واحدة