فقال له بترك القسطنطينية: إن كان المسيح طبيعة واحدة، فالطبيعة القديمة هى الطبيعة المحدثة. وإن كان القديم هو المحدث فالذى لم يزل هو الذى لم يكن. ولو جاز أن يكون القديم هو المحدث، لكان القائم هو القاعد والحار هو البارد، فأبى أن يرجع عن مقالته، فلعنوه، فاستعدى عليهم الملك، وزعم أنهم ظلموه، وسأله أن يكتب إلى جميع البتاركة للمناظرة:
فاستحضر الملك البتاركة والأساقفة من سائر البلاد إلى مدينة أفسيس، فثبّت بطريق الإسكندرية مقالة أوطيوس، وقطع بتاركة القسطنطينية وأنطاكية وبيت المقدس وسائر البتاركة والأساقفة. وكتب إلى بترك رومية وإلى جماعة البتاركة والأساقفة، فحرمهم ومنعهم من القربان إن لم يقلبوا مقالة أوطيوس.
ففسدت الأمانة، صارت المقالة مقالة أوطيوس، وخاصة بمصر، والإسكندرية وهو مذهب اليعقوبية.
فافترق هذا المجمع الخامس وهم ما بين لاعن وملعون، وضال ومضل، وقائل يقول: الصواب مع اللاعنين، وقائل يقول: الحق مع الملاعنين.
ثم كان لهم بعد هذا مجمع سادس فى دولة مرقيون فإنه اجمتع إليه الأساقفة من سائر البلاد فأعلموه ما كان من ظلم ذلك المجمع، وقلة الإنصاف، وأن مقالة أوطيوس قد غلبت على الناس وأفسدت دين النصرانية، فأمر الملك باستحضار سائر الأساقفة والبطارقة إلى حضرته. فاجتمع عنده ستمائة وثلاثون أسقفا، فنظروا فى مقالة أوطيوس وبترك الإسكندرية، التى قطعا بها جميع البتاركة. فأفسدوا مقالتهما ولعنوهما. وأثبتوا "أن المسيح إله وإنسان، وهو مع الله فى اللاهوت ومعنا فى الناسوت، له طبيعتان تامتان. فهو تام باللاهوت، تام بالناسوت، وهو مسيح واحد" وثبتوا قول الثلاثمائة والثمانية عشر أسقفا، وقبلوا قولهم "بأن الابن مع الله فى المكان، وأنه إله حق من إله حق" ولعنوا أريوس وقالوا: "إن روح القدس إله، وقالوا: إن الأب وروح القدس واحد بطبيعة واحدة، وأقانيم ثلاثة".
وثبتوا قول أهل المجمع الثالث، وقالوا "إن مريم العذراء ولدت إلها ربنا يسوع المسيح الذى هو مع الله فى الطبيعة، ومعنا فى الناسوت".
وقالوا: إن للمسيح طبيعتان وأقنوم واحد، ولعنوا نسطورس، وبترك الإسكندرية.