وعده من جملة نعمه عليهم، فالزنا يفضى إلى اختلاط المياه، واشتباه الأنساب، فمن محاسن الشريعة: تحريم نكاح الزانية، حتى تتوب وتستبرأ.
وأيضاً فإن الزانية خبيثة، كما تقدم بيانه، والله سبحانه جعل النكاح سببا للمودة والرحمة والمودة وخالص الحب، فكيف تكون الخبيثة مودودة للطيب، زوجا له، والزوج سمى زوجا من الازدواج وهو الاشتباه فالزوجان الاثنان المتشابهان، والمنافرة ثابتة بين الطيب والخبيث شرعاً وقَدَرًا، فلا يحصل معها الازدواج والتراحم والتواد، فلقد أحسن كل الإحسان من ذهب إلى هذا المذهب، ومنع الرجل أن يكون زوج قحبة.
فأين هذا من قول من جوز أن يتزوجها ويطأها الليلة، وقد وطئها الزانى البارحة، وقال: ماء الزانى لا حرمة له، فهب أن الأمر كذلك، فماء الزوج له حرمة، فكيف يجوز اجتماعه مع ماء الزانى فى رحم واحد؟
والمقصود: أن الله سبحانه سمى الزوانى والزناة خبيثين وخبيثات، وجنس هذا الفعل قد شرعت فيه الطهارة، وإن كان حلالا، وسمى فاعله جنبا، لبعده عن قراءة القرآن، وعن الصلاة، وعن المساجد، فمنع من ذلك كله حتى يتطهر بالماء. فكذلك إذا كان حراما يبعد القلب عن الله تعالى، وعن الدار الآخرة، بل يحول بينه وبين الإيمان، حتى يحدث طهرا كاملا بالتوبة، وطهرًا لبدنه بالماء. وقول اللوطية:
وهكذا المشرك إنما ينقم على الموحد تجريده للتوحيد، وأنه لا يشوبه بالإشراك. وهكذا المبتدع: إنما ينقم على السنى تجريده متابعة الرسول، وأنه لم يشبها بآراء الرجال، ولا بشىء مما خالفها. فصبر الموحد المتبع للرسول على ما ينقمه عليه أهل الشرك والبدعة خير له وأنفع، وأسهل عليه من صبره على ما ينقمه الله ورسوله عليه من موافقة أهل الشرك والبدعة.