للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم من أقبح جهلهم وظلمهم قولهم لنبيهم: {الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ} [البقرة: ٧١] .

فإن أرادوا بذلك: إنك لم تأت بالحق قبل ذلك فى أمر البقرة، فتلك ردة وكفر ظاهر. وإن أرادوا: أنك الآن بينت لنا البيان التام فى تعيين البقرة المأمور بذبحها فذلك جهل ظاهر، فإن البيان قد حصل بقوله:

{إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ كُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة: ٦٧] .

فإنه لا إجمال فى الأمر، ولا فى الفعل، ولا فى المذبوح، فقد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحق من أول مرة.

قال محمد بن جرير: وقد كان بعض من سلف يزعم أن القوم ارتدوا عن دينهم وكفروا بقولهم لموسى "الآن جئت بالحق" وزعم أن ذلك نفى منهم أن يكون موسى عليه السلام أتاهم بالحق فى أمر البقرة قبل ذلك، وأن ذلك كفر منهم، قال: وليس الأمر كما قال عندنا، لأنهم قد أذعنوا بالطاعة بذبحها، وإن كان قولهم الذى قالوا لموسى جهلا منهم، وهفوة من هفواتهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>