ومكروا فسحروه، حتى كان يخيل إليه أنه يفعل الشيء، ولم يفعله. فشفاه الله تعالى وخلصه.
ومكروا به فى قولهم:{آمِنُوا بِالَّذِى أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفرُوا آخِرَهُ}[آل عمران: ٧٢] .
يريدون بذلك تشكيك المسلمين فى نبوته، فإنهم إذا أسلموا أول النهار اطمأن المسلمون إليهم، وقالوا: قد اتبعوا الحق، وظهرت لهم أدلته، فيكفرون آخر النهار، ويجحدون نبوته، ويقولون: لم نقصد إلا الحق واتباعه، فلما تبين لنا أنه ليس به رجعنا عن الإيمان به.
وهذا من أعظم خبثهم ومكرهم.
ولم يزالوا مُوضعِين مجتهدين فى المكر والخبث إلى أن أخزاهم الله بيد رسوله وأتباعه - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ورضى عنهم - أعظم الخزى، ومزقهم كل ممزق وشتت شملهم كل مشتت.
وكانوا يعاهدونه عليه الصلاة والسلام، ويصالحونه. فإذا خرج لحرب عدوه نقضوا عهده.
ولما سلب الله تعالى هذه الأمة ملكها وعزها، وأذلها، وقطعهم فى الأرض، انتقلوا من التدبير بالقدرة والسلطان، إلى التدبير بالمكر والدهاء، والخيانة والخداع. وكذلك كل عاجز جبان سلطانه فى مكره وخداعه، وبهته وكذبه، ولذلك كان النساء بيت المكر والخداع والكذب والخيانة، كما قال الله تعالى عن شاهد يوسف عليه السلام أن قال: