وقال منصور عن مجاهد رحمه الله: "ما من رفقة تخرج إلى مكة إلا جهز معهم إبليس مثل عدتهم" رواه ابن أبي حاتم فى تفسيره، فهو بالرصد، ولاسيما عند قراءة القرآن، فأمر سبحانه العبد أن يحارب عدوه الذى يقطع عليه الطريق ويستعيذ بالله تعالى منه أولا، ثم يأخذ فى السير، كما أن المسافر إذا عرض له قاطع طريق اشتغل بدفعه، ثم اندفع فى سيره.
ومنها: أن الاستعاذة قبل القراءة عنوان وإعلام بأن المأتى به بعدها القرآن، ولهذا لم تشرع الاستعاذة بين يدى كلام غيره، بل الاستعاذة مقدمة وتنبيه للسامع أن الذي يأتي بعدها هو التلاوة، فإذا سمع السامع الاستعاذة استعد لاستماع كلام الله تعالى، ثم [شرع] ذلك للقارئ، وإن كان وحده، لما ذكرنا من الحكم وغيرها.
فهذه بعض فوائد الاستعاذة.
وقد قال أحمد فى رواية حنبل: "لا يقرأ فى صلاة ولا غير صلاة، إلا استعاذ؛ لقوله عز وجل:
{فَإذَا قَرَأْتَ القرآن فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشّيْطَانِ الرَّجِيمِ}[النحل: ٩٨] .
وقال فى رواية ابن مشيش:"كلما قرأ يستعيذ".
وقال عبد الله بن أحمد:"سمعت أبي كان إذا قرأ استعاذ، يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، إن الله هو السميع العليم".
وفى المسند والترمذي من حديث أبي سعيد الخدري قال:"كانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا قامَ إِلَى الصَّلاةِ اسْتَفْتَحَ ثُمَّ يَقُولُ: أعُوذُ باللهِ السَّمِيعِ العليم مِنَ الشّيْطَانِ الرَّجِيمِ: مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ وَنَفْثِهِ".