للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنشده سيبويه، والدليل على أن هذا اسم فعل كونه مبنيا، والدليل على بنائه عدم تنوينه، وأما "بله" فهو في الأصل مصدر فعل مهمل مرادف لدع واترك، فقيل فيه "بله زيد" بالإضافة إلى مفعوله، كما يقال: "ترك زيد"، ثم قيل: "بله زيدًا" بنصب المفعول وبناء "بله" على أنه اسم فعل، ومنه قوله:

بَلهَ الأَكُفَّ كَأَنَّهَا لَمْ تُخْلَقِ١

بنصب "الأكف"، وأشار إلى استعمالهما الأصلي بقوله: "وَيَعْمَلاَنِ الخَفْضَ مَصْدَرَينِ" أي معربين بالنصب دالين على الطلب أيضًا، لكن لا على أنهما اسما فعل، بل على أن كلا منهما بدل من اللفظ بفعله نحو: "رويد زيد" و"بله عمرو"، أي: إمهال زيد وترك عمرو، وقد روي قوله: "بله الأكف" بالجر على الإضافة؛ فرويد: تضاف إلى المفعول كما مر، وإلى الفاعل نحو: "رويد زيد عمرًا"، وأما "بله" فإضافتها إلى المفعول كما مر، وقال أبو علي: إلى الفاعل، ويجوز فيها حينئذٍ القلب، نحو "بهل زيد"، رواه أبو زيد، ويجوز فيها حينئذٍ التنوين ونصب ما بعدهما بهما، وهو الأصل في المصدر المضاف، نحو: "رويدًا زيدًا" و"بلها عمرًا"، ومنع المبرّد النصب برويد؛ لكونه مصغرًا.

تنبيهات: الأوّل الضمير في "يعملان" عائد على "رويد" و"بله" في اللفظ لا في المعنى، فإن "رويد" و"بله" إذا كانا اسمي فعل غير "رويد" و"بله" المصدرين في المعنى.

الثاني: إذا قلت: "رويدك وبله الفتى" احتمل أن يكونا اسمي فعل؛ ففتحتهما فتحة بناء، والكاف من رويدك حرف خطاب لا موضع لها من الإعراب، مثلها في ذلك، وأن يكونا مصدرين ففتحتهما فتحة إعراب وحينئذٍ فالكاف في "رويدك" تحتمل الوجهين: أن تكون فاعلا وأن تكون مفعولا.

الثالث: تخرج "رويد" و"بله" عن الطلب: فأما "بله" فتكون اسمًا بمعنى كيف فيكون ما بعدها مرفوعًا، وقد روي "بله الأكف" بالرفع أيضًا، وممن أجاز ذلك قطرب وأبو الحسن، وأنكر أبو علي الرفع بعدها، وفي الحديث: "يقول الله تبارك وتعالى: أعددت


= وجملة "رويد عليا": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "جد ثدي أمهم": استئنافية لا محل لها. وجملة "ولكن ودهم متماين": استئنافية لا محل لها من الإعراب.
الشاهد: قوله: "رويد عليا" حيث نصب اسم الفعل "رويد" مفعولا به "عليا".
١ تقدم بالرقم ٤٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>