للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا حجة فيه؛ لأنه محمول على إرادة "أنا ابن رجل جلا الأمور وجربها". فـ"جلا" جملة من فعل وفاعل فهو محكي لا ممنوع من الصرف كقوله: "من الرجز":

نُبِّئْتُ أخْوَالِي بَنِي يَزِيد ... "ظلما علينا لهم فديد"١

والذي يدل على ذلك إجماع العرب على صرف كعسب اسم رجل مع أنه منقول من "كعسب" إذا أسرع، وقد ذهب بعضهم إلى أن الفعل قد يحكى مسمى به وإن كان غير مسند إلى ضمير متمسكًا بهذا البيت.

ونقل عن الفرّاء ما يقرب من مذهب عيسى، قال: في الأمثلة التي تكون للأسماء والأفعال إن غلبت للأفعال فلا تُجره في المعرفة نحو رجل اسمه "ضرب" فإن هذا اللفظ وإن كان اسمًا للعسل الأبيض هو أشهر في الفعل، وإن غلب في الاسم فأجره في المعرفة والنكرة نحو رجل مسمى بحجر لأنه يكون فعلا تقول: "حجر عليه القاضي"، ولكنه أشهر في الاسم.

الثالث: يشترط في الوزن المانع للصرف شرطان: أحدهما أن يكون لازمًا، الثاني: أن لا يخرج بالتغيير إلى مثال هو للاسم، فخرج بالأول نحو امرئ فإنه لو سمي به انصرف وإن كان في النصب شبيهًا بالأمر من علم وفي الجر شبيهًا بالأمر من ضرب وفي الرفع شبيهًا بالأمر من خرج، لأنه خالف الأفعال بكون عينه لا تلزم حركة واحدة فلم تعتبر فيه الموازنة، وخرج الثاني نحو "رد" و"قيل" فإن أصلهما: ردد وقول، ولكن الإدغام والإعلال أخرجاهما إلى مشابهة برد وقيل فلم يعتبر فيهما الوزن الأصلي. ولو سميت رجلا بألبب بالضم جمع لب لم تصرفه لأنه لم يخرج بفك الإدغام إلى وزن ليس للفعل، وحكى أبو عثمان عن أبي الحسن صرفه لأنه باين الفعل بالفك، وشمل قولنا "إلى مثال هو


= الشاهد فيه قوله: "ابن جلا" حيث اعتبر "جلا" اسمًا ممنوعًا من الصرف. واختلف في سبب منعه، فقال عيسى بن عمر: إنه ممنوع من الصرف للعلمية ووزن الفعل، وقال الجمهور إنه لم ينون للحكاية لا لمنع الصرف، فهو منقول عن جملة، أي عن فعل وضمير الغائب مستتر فيه، أو هو فعل ماض باق على فعليته، وفيه ضمير مستتر هو فاعله، وجملة الفعل وفاعله في محل جر صفة لموصوف مجرور محذوف، والتقدير أنا ابن رجل جلا الأمور وكشفها.
١ تقدم بالرقم ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>