للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو كثير، نعم اختلف في نوعين: أحدهما ما فيه ألف التأنيث المقصورة فمنع بعضهم صرفه للضرورة، قال لأنه لا فائدة فيه إذ يزيد بقدر ما ينقص، ورد بقوله: "من الكامل":

٩٩٨-

إني مُقَسِّمُ مَا مَلَكْتُ فَجَاعِلٌ ... جُزْءًا لآخِرتِي وَدُنْيَا تَنْفَعُ

أنشده ابن الأعرابي بتنوين دنيا، وثانيهما: أفعل من، منع الكوفيون صرفه للضرورة١، قالوا لأن حذف تنوينه لأجل من فلا يجمع بينهما، ومذهب البصريين جوازه لأن المانع له إنما هو الوزن والوصف كأحمر لا "من"، بدليل صرف خير منه وشر منه لزوال الوزن، ومثال الصرف للتناسب قراءة نافع والكسائي: {سَلاسِلا وَأَغْلالا وَسَعِيرًا} ٢، {قَوَارِيرَا، قَوَارِيرَ} ٣، وقراءة الأعمش بن مهران: {وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} ٤.

تنبيه: أجاز قوم صرف الجمع الذي لا نظير له في الآحاد اختيارًا، وزعم قوم أن صرف ما لا ينصرف مطلقًا لغة، قال الأخفش: وكأن هذه لغة الشعراء لأنهم اضطروا إليه في الشعر فجرت ألسنتهم على ذلك في الكلام.

"وَالمَصْروفُ قَدْ لا يَنْصَرِفْ" أي للضرورة، أجاز ذلك الكوفيون والأخفش والفارسي،


٩٩٨- التخريج: البيت للمثلم بن رياح في خزانة الأدب ٨/ ٢٩٧؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٣٧٦.
الإعراب: إني: حرف مشبه بالفعل، و"الياء": ضمير في محل نصب اسم "إن". مقسم: خبر "إن" مرفوع، وهو مضاف. ما: اسم موصول في محل جر بالإضافة. ملكت: فعل ماض، و"التاء": ضمير في محل رفع فاعل. فجاعل: "الفاء": حرف عطف، "جاعل": مبتدأ مرفوع. جزءًا: مفعول به. لآخرتي: جار ومجرور متعلقان بمحذوف نعت "جزءًا". ودنيا: "الواو": حرف عطف، "دنيا": معطوف على "آخرتي". تنفع: فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره "هي".
وجملة "إني مقسم": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "ملكت": صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. وجملة "تنفع": في محل نصب نعت "دنيا".
الشاهد فيه قوله: "دنيا" حيث نونه الشاعر ردا على من قال إنه منته بألف التأنيث لذا يجب منعه من الصرف.
١ انظر المسألة التاسعة والستين في الإنصاف في مسائل الخلاف ص٤٨٨-٤٩٣.
٢ الإنسان: ٤.
٣ الإنسان: ١٥-١٦.
٤ نوح: ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>