يعني أن البصرييين منعوا نقل الفتحة إذا كان المنقول عنه غير همزة؛ فلا يجوز عندهم: رأيت بكر، ولا ضربت الضرب؛ لما يلزم على النقل حينئذ في المنون من حذف ألف التنوين، وحمل غير المنون عليه. وأجاز ذلك الكوفيون، وقيل عن الجرمي أنه أجازه، وعن الأخفش أنه أجازه في المنون على لغة من قال: "رأيت بكر"، وأشار بقوله: "من سوى المهموز" إلى أن المهموز يجوز نقل حركته وإن كان فتحة، فيقال: "رأيت الخبأ والردأ والبطأ"، في "رأيت الخبء والردء والبطء"، وإنما اغتفر ذلك في الهمزة لثقلها، وإذا سكن من قبل الهمزة الساكنة كان النطق بها أصعب.
"وَالنقْلُ إنْ يُعْدَمْ نَظِيْرٌ مُمْتَنِعْ" فلا تنقل ضمة إلى مسبوق بكسرة، ولا كسرة إلى مسبوق بضمة؛ فلا يجوز النقل، في نحو: "هذا بشر" بالاتفاق لما يلزم عليه من بناء فعل، ولا في نحو: "انتفعت بقفل" خلافا للأخفش؛ لما يلزم عليه من بناء فعل، وهو مهمل في الأسماء أو نادر. هذا في غير المهموز، وأما المهموز فيجوز فيه ذلك كما أشار إليه بقوله: "وذاك في المهموز ليس يمتنع"؛ فتقول "هذا ردء ومررت بكفء" لما مر التنبيه عليه من ثقل الهمزة، وهذه لغة كثير من العرب، منهم تميم وأسد، وبعض تميم يفرون من هذا النقل الموقع في عدم النظير إلى إتباع العين للفاء؛ فيقولون: هذا ردئ مع كفؤ، وبعضهم يتبع ويبدل الهمزة بعد الإتباع، فيقولون: هذا ردي مع كفو.
تنبيهان: الأول: لجواز النقل شرط رابع، وهو أن يكون المنقول منه صحيحا؛ فلا ينقل من نحو طبي ودلو.
الثاني: إذا نقلت حركة الهمزة حذفها الحجازيون واقفين على حامل حركتها كما يوقف عليه مستبدلا بها؛ فيقولون "هذا الخب" بالإسكان والروم والإشمام وغير ذلك بشروطه، وأما غير الحجازيين فلا يحذفها، بل منهم: من يثبتها ساكنة، نحو: "هذا البطؤ، ورأيت البطأ، ومررت بالبطئ" ومنهم من يبدلها بمجانس الحركة المنقولة؛ فيقول: "هذا البطو"، و"رأيت البطا"، و"مررت البطي"، وقد تبدل الهمزة بمجانس حركتها بعد سكون