والكف قد يوجبه ما ينفصل" من الموانع، كما في نحو: "يريد أن يضربها قبل، فلا تمال الألف لأن القاف بعدها، وهي مانعة من الإمالة، وإنما أثر المانع منفصلا، ولم يؤثر السبب منفصلا لأن الفتح –أعني ترك الإمالة- هو الأصل؛ فيصار إليه لأدنى سبب، ولا يخرج عنه إلا لسبب محقق.
تنبيهات: الأول: فهم من قوله "قد يوجبه" أن ذلك ليس عند كل العرب؛ فإن من العرب من لا يعتد بحرف الاستعلاء إذا ولي الألف من كلمة أخرى فيميل، إلا أن الإمالة عنده في نحو:"مررت بمال ملق" أقوى منها في نحو: "بمال قاسم".
الثاني: قال في شرح الكافية: إن سبب الإمالة لا يؤثر إلا متصلا، وإن سبب المنع قد يؤثر منفصلا؛ فيقال "أتى أحمد" بالإمالة، و"أتى قاسم" بترك الإمالة، وتبعه الشارح في هذه العبارة، وفي التمثيل بـ"أتى قاسم" نظر؛ فإن مقتضاه أن حرف الاستعلاء يمنع إمالة الألف المنقلبة عن ياء، وليس كذلك؛ فلعل التمثيل بـ"أيا" التي هي حرف نداء؛ فصحفها الكتاب بـ"أتى" التي هي فعل.
الثالث: في إطلاق الناظم منع السبب المنفصل مخالفة الكلام غيره من النحويين، قال ابن عصفور في مقربه: وإذا كان حرف الاستعلاء منفصلا عن الكلمة لم يمنع الإمالة، إلا فيما أميل لكسرة عارضة، نحو:"بما قاسم" أو فيما أميل من الألفات التي هي صلات الضمائر، نحو:"أراد أن يعرفها قبل" ا. هـ، ولولا ما في شرح الكافية لحملت قوله في النظم "والكف قد يوجبه إلخ" على هاتين الصورتين؛ لإشعار "قد" بالتقليل.