أي الإمالة من خواص الأفعال والأسماء المتمكنة؛ فلذلك لا تطرد إمالة غير المتمكن نحو "إذا" و"ما"، إلا "ها" و"نا"، نحو:"مر بها ونظر إليها، ومر بنا ونظر إلينا"، فهذان تطرد إمالتهما؛ لكثرة استعمالها.
وأشار بقوله "دون سماع" إلى ما سمعت إمالته من الاسم غير المتمكن، وهو "ذا" الإشارية و"متى" و"أني"، وقد أميل من الحروف: بلى، ويا في النداء، و"لا" في قولهم: "إمالا"؛ لأن هذه الأحرف نابت عن الجمل، فصار لها بذلك مزية على غيرها، وحكى قطرب إمالة "لا" لكونها مستقلة، وعن سيبويه ومن وافقه إمالة "حتى"، حكيت إمالتها عن حمزة والكسائي.
تنبيهات: الأول: لا تمنع الإمالة فيما عرض بناؤه نحو: "يا فتى"، و"يا حبلى" لأن الأصل فيه الإعراب.
الثاني: لا إشكال في جواز إمالة الفعل الماضي وإن كان مبنيا، خلاف ما أوهمه كلامه، قال المبرد: وإمالة "عسى" جيدة.
الثالث: إنما لم تمل الحروف لأن ألفها لا تكون عن ياء، ولا تجاور كسرة، فإن سمي بها أميلت، وعلى هذا أميلت الراء من ألمر، وألر، والهاء والطاء والحاء في فواتح السور؛ لأنها أسماء ما يلفظ به من الأصوات المنقطعة في مخارج الحروف، كما أن "غاق" اسم لصوت الغراب، و"طيخ" اسم لصوت الضاحك، فلما كانت أسماء لهذه الأصوات، ولم تكن كـ"ما" و"لا" أراوا بالإمالة فيها الإشعار بأنها قد صارت من حيز الأسماء التي لا تمتنع فيها الإمالة. وقال الزجاج والكوفيون: أميلت الفواتح لأنها مقصورة، والمقصور يغلب عليه الإمالة، وقد رد هذا بأن كثير من المقصور لا تجوز إمالته، وقال الفراء: أميلت لأنها إذا ثنيت ردت إلى الياء؛ فيقال: طيان وحيان. وكذلك إمالة حروف المعجم، نحو: با وتا وثا، ا. هـ.