للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"وَالهَاءُ وَقْفَاً كَلِمَهْ وَلَمْ تَرَهْ" أي الهاء من حروف الزيادة كما سبق، إلا أن زيادتها قليلة في غير الوقف، ولم تطرد إلا في الوقف على ما الاستفهامية مجرورة، نحو: "لمه"، وعلى الفعل المحذوف اللام جزما أو وقفا، وعلى كل مبني على حركة لازمة إلا ما تقدم استثناؤه في باب الوقف، وهي واجبة في بعض ذلك، وجائزة في بعضه، وعلى ما تقدم في بابه، وأنكر المبرد زيادتها، وقال: إنها إنما تلحق في الوقف بعد تمام الكلمة للبيان، كما في نحو: {مَالِيَهْ} ١، و"يا زيداه" وللإمكان، كما في نحو: "دعه، وقه" كما قدمته؛ فهي كالتنوين وباء الجر، والصحيح أنها من حروف الزيادة وإن كانت زيادتها قليلة، والدليل على ذلك قولهم في أمات: أمهات، ووزنه فعلهات؛ لأنه جمع أم، وقد قالوا: أمات، والهاء في الغالب فيمن يعقل، وإسقاطها فيما لا يعقل، وقالوا في أم: أمهة، ووزنها فعله’، وأجاز ابن السراج أن تكون أصلية، وتكون فعله مثل قبرة أبهة، ويقوي قوله ما حكاه صاحب كتاب العين من من قولهم: تأمهت أما، بمعنى اتخذت، ثم حذفت الهاء فبقي أم، ووزنه فع؛ فإن جمع أمهة، وأمات جمع أم، وما ذهب إليه ابن السراج ضعيف؛ لأنه خلاف الظاهر، وأما حكاية صاحب العين فلا يحتج بها؛ لما فيه من الخطأ والاضطراب، قال في الفتح: ذاكرت بكتاب العين يوما شيخنا أبا علي؛ فأعرض عنه، ولم يرضه؛ لما فيه من القول المردود والتصريف الفاسد.

وزيدت الهاء في قولهم: "أهرقت الماء؛ فأنا أهريقه إهراقة" والأصل أراق يريق إراقة، وألف أراق منقلبة عن الياء، وأصل يريق يؤريق، ثم أبدلوا من الهمزة هاء، وإنما قالوا: يهريقه، وهو لا يقولون: أأريقه؛ لاستثقالهم الهمزتين، وقالوا أيضا: أهرق الماء يهرقه إهراقا، ولا جواب للمبرد عن زيادتها في أهراق إلا دعوى الغلط من قائله؛ لأنه لما أبدل الهمزة هاء توهم أنها فاء الكلمة؛ فأدخل الهمزة عليها وأسكنها، وادعى الخليل زيادة الهاء في هركولة وأنها هفعولة، وهي العظيمة الوركين؛ لأنها تركل في مشيها، والأكثرون على أصالتها، وأنها فِعَْلَوَْلَة.

وقال أبو الحسن: إنها زائدة في هبلع وهو الأكول، وهجرع وهو الطويل، فهما عنده هفلع؛ لأن الأول من البلع، والثاني من الجرع وهو المكان لسهل، وحجة الجماعة أن


١ الحاقة: ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>