للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"رحمة ونعمة" وذلك مذكور في باب الوقف، وأما إبدالها من غير التاء فمسموع كقولهم "هياك"، و"لهنك قائم"، و"هرقت الماء"، و"هردت الشيء"، و"هرحت الدابة".

تنبيهات: الأول: ذكر في التسهيل أن حروف البدل الشائع –يعني في كلام العرب_ اثنان وعشرون حرفا، وهذه التسعة المذكورة هنا حروف الإبدال الضروري في التصريف؛ فقال: يجمع حروف البدل الشائع في غير إدغام قولك: "لجد صرف شكس آمن طي ثوب عزته"، والضروري في التصريف هجاء "طويت دائما"، وهذا كلامه. فأفهم أن باقي حروف المعجم –وهي الحاء والخاء والذال والظاء والضاد والغين والقاف –قد تبدل على وجه الشذوذ، وقد قال ابن جني في قراءة الأعمش "فَشَرِّذْ بِهِمْ"١ بالذال المعجمة: إن الذال بدل من الدال، كما قالو: لحم خزاذل وخرادل. والمعنى الجامع لهما أنهما مجهوران ومتقاربان، وجرجها الزمخشري على القلب بتقديم اللام على العين من قولهم: "شذر مذر". وأفهم أيضا أن من الشائع ما تقدم من إبدال اللام من النون ومن الضاد، ومن إبدال الجيم من الياء، وكذا إبدال النون من اللام، كقولهم في "الرفل" وهو الفرس الذيال: رفن، ومن الميم كقولهم في "أمغرت الشاة" إذا خرج لبنها أحمر كالمغرة: أنغرت، وينبغي أن لا يسمى ذلك شائعا، بل الشائع في ذلك ما اطرد أو كثر في بعض اللغات كالعجعجة في لغة قضاعة، والعنعنة كقولهم: "ظننت عنك ذاهب"، أي أنك، والكشكشة في لغة تميم، كقولهم في خطاب المؤنث "ما الذي جاء بشِ" يريدون بك، وقراءة بعضهم: "قَدْ جَعَلَ رَبُّشِ تَحْتَشِ سَرِيًّا"٢ والكسكسة في لغة بكر، كقولهم في خطاب المؤنث: "أبوسِ"، و"أمسّ" يريدون "أبوك" و"أمك".

قال في شرح الكافية: وهذا النوع من الإبدال جدير بأن يذكر في كتب اللغة، لا في كتب التصريف، وإلا لزم أن تذكر العين؛ لأن إبدالها من الهمزة المتحركة مطرد في لغة بني تميم، ويسمى ذلك عنعنة، وكان يلزم أيضا أن يذكر الكاف لأن إبدالها من تاء الضمير مطرد، كقول الراجز:


١ الأنفال: ٥٧.
٢ مريم: ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>