للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كسكرى؛ فزيدت الألف قبل الآخر للمد كألف كتاب وغلام، فأبدلت الثانية همزة، فكان الأحسن أن يقول كما قال في الكافية:

من حرف لين آخر بعد ألف ... مزيدٍ أبدل همزة وذا ألف

الثاني: هذا الإبدال مستصحب مع هاء التانيث العارضة، نحو: "بناء وبناءة" فإن كانت هاء التأنيث غير عارضة امتنع الإبدال، نحو: "هداية، وسقاية، وإداوة، وعداوة"؛ لأن الكلمة بنيت على التاء، أي أنها لم تبن على مذكر. قال في التسهيل: وربما صح مع العارضة وأبدل مع اللازم؛ فالأول كقولهم في المثل "اسق رقاش فإنها سقاية"١؛ لأنه لما كان مثلا –والأمثال لا تغير- أشبه ما بني على هاء التأنيث، ومنهم من يقول "فإنها سقاءة" بالهمز كحاله في غير المثل. والثاني كقولهم "صلاءة" في صلاية.

وحكم زيادتي التثنية حكم هاء التأنيث في اسصحاب هذا الإبدال، نحو: "كساءين" و"رداءين" فإن بنيت الكلمة على التثنية امتنع الإبدال، وذلك كقولهم: "عقلته بثنايين" وهما طرفا العقال.

الثالث: قد أورد على الضابط المذكور مثل "غاوي" في النسب٢ إذا رخمته على لغة من لا ينوي؛ فإنك تقول "يا غاو" بضم الواو من غير إبدال، مع اندراجه في الضابط المذكور، وإنما لم يبدل لأنه قد أعل بحذف لامه؛ فلم يجمع فيه بين إعلالين، فلو أتى موضع قوله: "آخر" بـ"لا ما" فقال: "لا ما بإثر ألف زيد" لاستقام.

الرابع: اختلف في كيفية هذا الإبدال؛ فقيل: أبدلت الياء والواو همزة، وهو ظاهر كلام المصنف، وقال حذاق أهل التصريف: أبدل من الواو والياء ألف ثم أبدلت الألف همزة، وذلك أنه لما قيل كساو ورداي تحركت الواو والياء بعد فتحة، ولا حاجز بينهما إلا


١ ورد المثل في جمهرة الأمثال ١/ ٥٦؛ وزهر الأكم ٣/ ١٧١؛ والعقد الفريد ٣/ ١٠٠؛ وكتاب الأمثال ص١٣٨؛ ولسان العرب ١٤/ ٣٩٢ "سقي"؛ والمستقصي ١/ ١٧٠؛ ومجمع الأمثال ١/ ٣٣٣.
ورقاش: اسم امرأة. يقول: أحسن إلى رقاش فإنها محسنة، يضرب في الإحسان إلى المحسن.
٢ قال محي الدين عبد الحميد:
"ظاهره أن قوله: "في النسب" قيد في الكلام، وليس الأمر على هذا الظاهر، فإن "غاويا" إذا نودي بعد صيرورته علما ورخم، قيل فيه ذلك على لغة من ينتظر، على أن الواو في "يا غاو" ليست متطرفة، بل هي حشو، وذلك لأن الحذف عارض والمحذوف مراعى.

<<  <  ج: ص:  >  >>