وإن كان الفعل مضارعا أو أمرا واتصل بنون نسوة جاز الوجهان الأولان فقط، نحو: يقررن ويقرن، واقررن وقرن، وإلى ذلك الإشارة بقوله:"وقرن في اقررن" أي استعمل قرن في اقررن، قال تعالى:{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} ١ وهو أمر من قررت بالمكان أقر بالفتح في الماضي والكسر في المستقبل، فلما أمر منه اجتمع مثلان أولهما مكسور، فحسن الحذف كما فعل بالماضي. وقيل: هو أمر من الوقار، يقال: وقر يقر، فيكون قرن محذوف الفاء مثل عدن، ورجح الأول لتتوافق القراءتان.
فإن كان أول المثلين مفتوحا كما في لغة من قال قررت بالمكان بالكسر أقر بالفتح فالتخفيف قليل، وإليه أشار بقوله:"وقرن نقلا": أي في قراءة نافع وعاصم لأنه تخفيف لمفتوح. وقد أفهم بقوله "نقلا" أن ذلك لا يطرد، وصرح به في الكافية، وأما الذي قبله فصرح في الكافية باطراد، فقال:
وقرن في اقْرِرًنَ وقِسْ مُعْتَضِدَا
وذكر غيره أنه لا يطرد، وهو ظاهر كلام التسهيل. بل ذهب ابن عصفور إلى أن الحذف في ظللت ونحوه غير مطرد، وقد صرح سيبويه بأنه شاذ، وأنه لم يرد إلا في لفظتين من الثلاثي، وهما ظلت ومست، وفي لفظ ثالث من الزوائد على ثلاثة، وهو أحست في أحسست. وإلى الاطراد ذهب الشلوبين، وحكى في التسهيل أن الحذف لغة سليم، وبذلك يرد على ابن عصفور.
تنبيهان: الأول: اختلف كلام الناظم في المحذوف؛ فذهب في شرح الكافية إلى أن المحذوف اللام. وذهب في التسهيل إلى أن الحذف العين، وهو ظاهر كلام سيبويه.
الثاني: أجاز في الكافية وشرحها إلحاق المضموم العين بالمكسور، فأجاز في اغضضن أن يقال: غضن قياسا على قرن، واحتج له بأن فك المضموم أثقل من فك المكسور، وإذا كان فك المفتوح قد فر منه إلى الحذف في قرن المفتوح القاف؛ ففعل ذلك بالمضموم أحق بالجواز، قال: ولم أره منقولا، ا. هـ.