لأنهما موافقان لوزن الفعل، وليسا في خفة فَعِلٍ، نحو: لبب. هذا مذهب الجمهور. وخالف ابن كيسان فقال: ردد ورد بالفك، ووافقه الناظم في التسهيل في الأول دون الثاني. وإذا بنيت من الرد مثل دئل قلت "ردد" بالفك، ومن رأى أن فعل أصل في الفعل ينبغي أن يدغم. وقياس مذهب ابن كيسان الفك. بل هو في هذا أولى، وعليه مشى في التسهيل، انتهى.
السابع من الشروط: أن لا يتصل بأول المثلين مدغم فيه، وإليه أشار بقوله:"ولا كجسس" وهو جمع جاس، اسم فاعل من "جس الشيء" إذا لمسه، أو من "جس الخبر" إذا فحص عنه، وهو الجاسوس. وإنما وجب الفك لأنه لو أدغم المدغم فيه لالتقى ساكنان.
الثامن: أن لا يعرض تحريك ثانيهما، وإليه أشار بقوله:"ولا كاخصص أبي" لأن الأصل اخصص بالإسكان، فنقلت حركة الهمزة إلى الساكن قبلها؛ فلم يعتد بها لعروضها.
التاسع: أن لا يكون ما هما فيه ملحقا بغيره، وإليه أشار بقوله:"ولا كهيلل" وهذا نوعان؛ أحدهما: ما حصل فيه الإلحاق بزائد قبل المثلين، نحو:"هيلل" إذا أكثر من لا إله إلا الله، فإن الياء فيه مزيدة للإلحاق بدحرج، والآخر ما حصل فيه الإلحاق بأحد المثلين، نحو: جلبب؛ فإن إحدى باءيه مزيدة للإلحاق بدحرج، وإنما امتنع في هذين النوعين لاستلزامه فوات ما قصد من الإلحاق.
العاشر: أن لا يكون مما شذت العرب في فكه اختيارا، وهي ألفاظ محفوظة لا يقاس عليها، وإلى هذا أشار بقوله:"وشذ في ألل ونحوه فك بنقل فقبل" أي شذ الفك في ألفاظ: منها قولهم "ألل السقاء" إذا تغيرت رائحته، وكذلك الأسنان إذا فسدت، والأذن إذا وقت. وقولهم "دبب الإنسان" إذا نبت الشعر في جبينه، و"صكك الفرس" إذا اصطكت عرقوباه، و"ضببت الأرض" إذا كثر ضبابها، و"قطط الشعر" إذا اشتدت جعودته، و"لححت العين، ولخخت" إذا التصقت بالرمص، و"مششت الدابة" إذا شخص في وظيفها حجم دون صلابة العظم، و"عززت الناقة" إذا صاق إحليلها وهو مجرى لبنها؛ فشذوذ ترك الإدغام في هذه الأفعال كشذوذ ترك الإعلال في نحو: القود والحيد والصيد، الحوكة والخونة مما سبق في موضعه؛ فلا يجوز القياس على شيء من هذه المفكوكات، كما لا يقاس على شيء من تلك المصححات. وما ورد من