اعلم أن المراد في هذا الموضع بكون الواو نصا في المعية أن دلالتها على المعية أظهر من دلالتها على غيرها؛ وللعلماء في هذا الموضع اختلافان "أحدهما" هل هناك محذوف لا بد من تقديره أولا؟ "والثاني" هل هذا المحذوف ممتنع الذكر أو هو جائز الذكر؟ فأما عن الخلاف الأول فقد ذهب البصريون إلى أن في نحو قولك: "كل رجل وضيعته" من كل مبتدأ عطف عليه اسم بالواو الدالة. على المعية نصا؛ محذوفا هو خبر المبتدأ؛ وذهب الكوفيون والأخفش إلى أن الكلام تام مستغن عن تقدير شيء؛ وذلك من قبل أن الواو بمعنى "مع" وأنت لو ذكرت "مع" في الكلام فقلت: "كل رجل مع ضيعته" لكان الكلام تاما مستغنيا عن التقدير؛ فكذا ما هو بمعنى ذلك، وقد رد العلامة رضى الدين هذا المذهب بقوله: "وقال الكوفيون: وضيعته خبر المبتدأ؛ لأن الواو بمعنى "مع"، فكأنك قلت: كل رجل مع ضيعته، فإذا صرحت بمع لم تحتج إلى تقدير الخبر، فكذا مع الواو التي بمعناه؛ فلا يكون هذا المثال إذا مما نحن فيه، أي: مما حذف خبره، وفيه نظر، لأن الواو إن كانت بمعنى "مع" تكون في اللفظ للعطف، فإذا كانت وضيعته عطفا على المبتدأ لم يكن خبرا، فإن قيل: يجوز أن يكون رفع ما بعد الواو منقولا عن الواو ولكونها خبر المبتدأ، فالجواب أن "مع" إذا وقع =