للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"سبق": مصدر نصب بحظر مضاف إلى فاعله، ودام في موضع النصب بالمفعولية؛ والمراد أنهم أجمعوا عَلَى منع تقديم خبر "دام" عليها، وهذا تحته صورتان: الأولى أن يتقدم على "ما"، ودعوى الإجماع على منعها مسلمة، والأخرى أن يتقدم على "دام" وحدها، ويتأخر عن "ما"، وفي دعوى الإجماع على منعها نظر؛ لأن المنع معلل بعلتين: إحداهما عدم تصرفها، وهذا بعد تسليمه لا ينهض مانعا باتفاق؛ بدليل اختلافهم في "ليس"، مع الإجماع على عدم تصرفها، والأخرى أن "ما" موصول حرفي ولا يفصل بينه وبين صلته، وهذا أيضا مختلف فيه. وقد أجاز كثير الفصل بين الموصول الحرفي وصلته؛ إذا كان غير عامل، كما المصدرية، لكن الصورة الأولى أقرب إلى كلامه، أشعر بذلك قوله

١٤٩-

كذاك سبق خبر ما النافيه ... فجيء بها متلوة لا تاليه

"كَذَاكَ سَبْقُ خَبَرٍ مَا النَّافِيَهْ" أي: كما منعوا، أن يسبق الخبر "ما" المصدرية كذلك منعوا أن يسبق "ما" النافية "فَجِيء بِهَا مَتْلُوَّةً لاَ تَالِيَهْ" أي: متبوعة لا تابعة؛ لأن لها الصدر، ولا فرق في ذلك بين أن يكون ما دخلت عليه يشترط في عمله تقدم النفي كـ"زال"، أو لا كـ"كان"، فلا تقول: "قائما ما كان زيد"، ولا "قاعدا ما زال عمرو"، قال في شرح الكافية: وكلاهما جائز عند الكوفيين، لأن ما عندهم لا يلزم تصديرها، ووافق ابن كيسان البصريين في "ما كان" ونحوه، وخالفهم في "ما زال" ونحوه؛ لأن نفيها إيجاب.

تنبيهات: الأول: أفهم كلامه أنه إذا كان النفي بغير "ما" يجوز التقديم، نحو "قائما لم يزل زيد"، و"قاعدا لم يكن عمرو" قال في شرح الكافية: عند الجميع، واستدل له بقول الشاعر "من الطويل":

١٨٦-

وَرَجِّ الفَتَى لِلْخَيرِ مَا إِنْ رَأَيْتَهُ ... عَلَى السِّنِّ خَيْرا لاَ يَزَالُ يَزِيْدُ


١٨٦- التخريج: البيت للمعلوط القريعي في شرح التصريح ١/ ١٨٩؛ وشرح شواهد المغني ص٨٥، ٧١٦؛ ولسان العرب ١٣/ ٣٥ "أنن"؛ والمقاصد النحوية ٢/ ٢٢؛ وبلا نسبة في الأزهية ص٥٢، ٩٦؛ والأشباه والنظائر ٢/ ١٨٧؛ والجنى الداني ص٢١١؛ وجواهر الأدب ص٢٠٨؛ وخزانة الأدب ٨/ ٤٤٣؛ والخصائص ١/ ١١٠؛ والدرر ٢/ ١١٠؛ وسر صناعة الإعراب ١/ ٣٧٨؛ وشرح المفصل ٨/ ١٣٠؛ والكتاب ٤/ ٢٢٢؛ ومغني اللبيب ١/ ٢٥؛ والمقرب ١/ ٩٧؛ وهمع الهوامع ١/ ١٢٥.
شرح المفردات: رج: تأمل، وانتظر منه. على السن: أي كلما ازداد في السن.
المعنى: يقول تأمل الخير من الفتى كلما رأيته، فهو يزداد خيرا كلما تقدمت به السن. =

<<  <  ج: ص:  >  >>