للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العبودية، وعلى هذا فلا تقدير في الفتح أيضا؛ فيستوي الوجهان، ومن الثاني قوله "من الرجز":

٢٦٣-

أو تَحْلِفِي بِرَبِّكِ الْعَلِيِّ ... أنّي أبُو ذَيَّالِكِ الصَّبِيِّ

يروى بالكسر على جعلها جوابا للقسم، وبالفتح على جعلها مفعولا بواسطة نزع الخافض، أي: على أني، والتقييد بكون القسم بفعل ظاهر للاحتراز عما مر قريبا في المكسورة، وبقوله: "لا لام بعده" عما بعده اللام من ذلك؛ حيث يتعين فيه الكسر، نحو: {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ} ١، و: {أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ} ٢.

وقد اتضح لك أن من فتح "أن" لم يجعلها جواب القسم؛ لأن الفتح متوقف على كون المحل مغنيا فيه المصدر على "أن" وصلتها، وجواب القسم لا يكون كذلك، فإنه لا يكون إلا جملة.


٢٦٣- التخريج: الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص١٨٨؛ وشرح التصريح ١/ ٢١٩؛ والمقاصد النحوية ٢/ ٢٣٢؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك ١/ ٣٤٠؛ وتخليص الشواهد ص٣٤٨؛ والجنى الداني ص٤١٣؛ وشرح ابن عقيل ص١٨٢؛ وشرح عمدة الحافظ ص٢٣١؛ ولسان العرب ١٥/ ٤٥٠ "ذا"؛ واللمع في العربية ٣٠٤.
الإعراب: "أو": حرف عطف. "تحلفي": فعل مضارع منصوب بـ"أن" مضمرة بعد "أو". وعلامة نصبه حذف النون، والياء ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل. والمصدر المؤول من أن وما بعدها معطوف على مصدر مرفوع منتزع من الكلام السابق فهو مثله في محل رفع. "بربك": جار ومجرور متعلقان بـ"تحلفي"، وهو مضاف، والكاف ضمير في محل جر بالإضافة. "العلي": نعت "ربك" مجرور بالكسرة. "أني": من الأحرف المشبهة بالفعل، والياء ضمير في محل نصب اسم "أن". "أبو": خبر "أن" مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الستة، وهو مضاف. "ذيالك": اسم إشارة مبني في محل جر بالإضافة. "الصبي": بدل من "ذيالك": مجرورة بالكسرة. والمصدر المؤول من "أن" وما بعدها منصوب بنزع الخافض.
وجملة: "تحلفي" صلة الموصول الحرفي لا محل لها من الإعراب.
الشاهد: قوله: "أني" حيث يجوز كسر همزة "إن" وفتحها لكونها واقعة بعد فعل قسم لا لام بعده؛ أما الفتح فعلى تأويل "أن" واسمها وخبرها بمصدر مجرور بحرف جر محذوف تقديره: "أو تحلفي على كوني أبا لهذا الصبي"؛ أما الكسر فعلى اعتبار "إن" واسمها وخبرها جملة جواب القسم لا محل لها من الإعراب.
١ التوبة: ٥٦.
٢ المائدة: ٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>