للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أَن اعتبار اللفظ أكثر، وبه جاء القرآن, قال تعالى: {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا} ١ ولم يقل: آتتا، فلما كان لكلا وكلتا حظ من الإفراد وحظ من التثنية أجريا في إعرابهما مجرى المفرد تارة ومجرى المثنى تارة، وخص إجراؤهما مجرى المثنى بحالة الإضافة إلى المضمر؛ لأن الإعراب بالحروف فرع الإعراب بالحركات، والإضافة إلى المضمر فرع الإضافة إلى الظاهر لأن الظاهر أصل المضمر، فجعل الفرع من الفرع، والأصل مع الأصل؛ مراعاة للمناسبة.

"اثْنَانِ وَاثْنَتَانِ" -بالمثلثة- اسمان من أسماء التثنية، وليسا بمثنيين حقيقة، كما سبق "كَابْنَيْنِ وَابْنَتَيْنِ" -بالموحدة- اللذين هما مثنيان حقيقة "يَجْرِيَانِ" مطلقا: فيرفعان بالألف، ومثل اثنتين ثنتان٢ في لغة تميم.

"وَتَخْلُفُ اليَا فِي" هذه الألفاظ "جَمِيعِهَا" أي: المثنى وما ألحق به "الأَلِفْ جَرًّا ونَصْبا بَعْدَ فَتْحٍ قَدْ أُلِفْ" اليا: فاعل "تخلف"، قصره للضرورة، والألف: مفعول به، وجرا ونصبا: نصب على الحال من المجرور بفي، أي: مجرورة ومنصوبة، وسبب فتح ما قبل الياء الإشعار بأنها خلف عن الألف، والألف لا يكون ما قبلها إلا مفتوحا.


= اللغة: كلاهما: يقصد بنت جرير وزوجها الأبلق. أقلعا: كفا عنه وتركاه. رابي: منتفخ.
المعنى: إن ابنة جرير وزوجها حينما جد الخطب تركاه، ويا لسوء منظرهما وأنفهما منتفخ قبيح.
الإعراب: "كلاهما": مبتدأ مرفوع بالألف لأنه ملحق بالمثنى، وهما: ضمير متصل في محل جر بالإضافة. "حين": ظرف مبني على الفتح في محل نصب متعلق بـ"أقلعا". "جد": فعل ماض مبني على الفتح. "الجري" فاعل مرفوع بالضمة. "بينهما": مفعول فيه ظرف مكان منصوب بالفتحة متعلف بالفعل "جد"، والضمير "هما" في محل جر بالإضافة. "قد أقلعا": "قد": حرف تحقيق، "أقلعا": فعل ماض مبني على الفتح، وألف الاثنين في محل رفع فاعل. "وكلا": "الواو" حالية، "كلا": مبتدأ مرفوع بالألف لأنه ملحق بالمثنى. "أنفيهما": مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنى وحذفت النون للإضافة، و"هما": ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة. "رابي": خبر مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة.
وجملة: "كلاهما قد أقلعا": ابتدائية لا محل لها. وجملة "قد أقلعا": في محل رفع خبر. وجملة "وكلا أنفيهما رابي" في محل نصب حال.
والشاهد فيه قوله: "كلاهما قد أقلعا" وقوله "وكلا أنفيهما رابي" فقد أعاد الضمير إلى "كلاهما" في العبارة الأولى مثنى، وذلك قوله: "أقلعا" مراعاة لمعنى "كلا". وأخبر عن "كلا" في العبارة الثانية بمفرد، وذلك في قوله "رابي" مراعاة للفظ "كلا" فدل ذلك على أنه يجوز مراعاة لفظ "كلا" ومراعاة معناها.
١ الكهف: ٣٣.
٢ وردت "ثنتان" في قول الراجز:
كأن خصييه من التدلدل ... ظرف عجوز فيه ثنتا حنظل

<<  <  ج: ص:  >  >>