للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن في العطف تعسفا في الأول وتوهينا للمعنى في الثاني، وفي النصب على المعية سلامة منها، فكان أولى.

وإما من جهة اللفظ، كما في نحو: "جئت وزيدا"، و"اذهب وعمرا"؛ لأن العطف على ضمير الرفع المتصل لا يحسن ولا يقوى إلا مع الفضل، ولا فضل؛ فالوجه النصب؛ لأن فيه سلامة من ارتكاب وجه ضعيف عنه مندوحة.

"والنصب" على المعية "إن لم يجز العطف" لمانع معنوي، أو لفظي "يجب" فالمانع المعنوي كما في "سرت والنيل"، و"مشيت والحائط"، و"مات زيد وطلوع الشمس"؛ مما لا يصح مشاركة ما بعد الواو منه لما قبلها في حكمه، والمانع اللفظي كما في نحو: "مالك وزيدا"، و"ما شأنك وعمرا"؛ لأن العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار ممتنع عند الجمهور؛ فيتعين النصب على المعية. هذا حيث أمكن النصب على المعية كما رأيت، فأما إذا امتنع مع امتناع العطف، وهو رابع الأقسام، وذلك كما في نحو قوله "من الرجز":

٤٤٢-

علفتها تبنا وماء باردا ... "حتى شتت همالة عيناها"


= اللغة: بنو أبيكم: أي من ينتسبون إليكم.
المعنى: يقول: كونوا ومن ينتسبون إليكم متعاونين ومتضامنين، ولا تدعوا للفرقة مكانا بينكم، بل كونوا معا بمثابة الكليتين من الطحال.
الإعراب: فكونوا: الفاء بحسب ما قبلها، "كونوا": فعل أمر ناقص، والواو ضمير متصل مبني في محل رفع اسم "كان". أنتم: ضمير منفصل مؤكد للضمير المتصل في محل رفع. وبني: الواو: واو المعية، "بني": مفعول معه منصوب بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، وهو مضاف. أبيكم: مضاف إليه مجرور بالياء لأنه من الأسماء الستة وهو مضاف، و"كم": ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. مكان: ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر "كان"، وهو مضاف. الكليتين: مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنى. من: حرف جر. الطحال: اسم مجرور بالكسرة، والجار والمجرور متعلقان بـ"مكان" لاشتماله على رائحة الفعل.
الشاهد فيه قوله: "وبني" حيث نصبه على أنه مفعول معه بالرغم من وجود الضمير المنفصل المؤكد للضمير المتصل، والمسوغ للعطف. فالرفع يلزم المعطوف مشاركة المعطوف عليه في أن يكونوا بمثابة الكليتين من الطحال، وهذا ما لا يريده الشاعر.
٤٤٢- التخريج: الرجز بلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢/ ١٠٨، ٧/ ٢٣٣؛ وأمالي المرتضى ٢/ ٢٥٩؛ والإنصاف ٢/ ٦١٢؛ وأوضح المسالك ٢/ ٢٤٥؛ والخصائص ٢/ ٤٣١؛ والدرر ٦/ ٧٩؛ وشرح التصريح ١/ ٣٤٦؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص١١٤٧؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٥٨، ٢/ ٩٢٩؛ =

<<  <  ج: ص:  >  >>