للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصحيح أنه لا يطرد، بل يقتصر فيه على السماع.

تنبيهان: الأول: قد عرفت أن إعراب المثنى والمجموع على حده مخالف للقياس من وجهين: "الأول" من حيث الإعراب بالحروف، "والثاني" من حيث إن رفع المثنى ليس بالواو، ونصبه ليس بالألف، وكذا نصب المجموع.

أما العلة في مخالفتهما القياس في الوجه الأول فلأن المثنى والمجموع فرعان عن الآحاد، والإعراب بالحروف فرع عن الإعراب بالحركات، فجعل الفرع للفرع طلبا للمناسبة، وأيضا فقد أعرب بعض الآحاد -وهي الأسماء الستة- بالحروف، فلو لم يجعل إعرابهما بالحروف لزم أن يكون للفرع مزية على الأصل، ولأنهما لما كان في آخرهما حروف -وهي علامة التثنية والجمع- تصلح أن تكون إعرابا بقلب بعضها إلى بعض، فجعل إعرابهما بالحروف؛ لأن الإعراب بها بغير حركة أخف منها مع الحركة.

وأما العلة في مخالفتهما للقياس في الوجه الثاني فلأن حروف الإعراب ثلاثة، والإعراب ستة: ثلاثة للمثنى، وثلاثة للمجموع، فلو جعل إعرابهما بها على حد إعراب الأسماء الستة لالتبس المثنى بالمجموع في نحو: "رأيت زيداك"، ولو جعل إعراب أحدهما كذلك دون الآخر بقي الآخر بلا إعراب، فوزعت عليهما، وأعطي المثنى الألف لكونها مدلولا بها على التثنية مع الفعل: اسما في نحو: "اضربا"، وحرفا في نحو: "ضربا أخواك"، وأعطي المجموع الواو لكونها مدلولا بها على الجمعية في الفعل: اسما في نحو: "اضربوا"، وحرفا في نحو: "أكلوني البراغيث"، وجرا بالياء على الأصل، وحمل النصب على الجر فيهما، ولم يحمل على الرفع لمناسبة النصب للجر دون الرفع؛ لأن كلا منهما فضلة، ومن حيث المخرج؛ لأن الفتح من أقصى الحلق، والكسر من وسط الفم، والضم من الشفتين.

الثاني: ما أفهمه النظم وصرح به في شرح التسهيل من أن إعراب المثنى والمجموع على حده بالحروف, هو مذهب قطرب وطائفة من المتأخرين، ونسب إلى الزجاج والزجاجي، قيل: وهو مذهب الكوفيين، وذهب سيبويه ومن وافقه إلى أن إعرابهما بحركات مقدرة على الأحرف١.


١ انظر المسألة الثالثة في الإنصاف في مسائل الخلاف ص٣٣-٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>