للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٣٥-

وانصب بذي الإعمال تلوا، واخفض ... وهو لنصب ما سواه مقتضي

"وانصب بذي الإعمال تلوا واخفض" بالإضافة، وقد قرئ بالوجهين {إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِه} ١، {هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّه} ٢ "وهو لنصب ما سواه" أي ما سوى التلو "مقتضي"، نحو: "وجاعلُ الليلِ سكنًا"٣ على تقدير حكاية الحال {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} ٤ و"هذا معطي زيدٍ درهمًا، ومعلمُ بكرٍ عمرًا قائمًا".

تنبيهات: الأول: يتعين في تلو غير العامل الجر بالإضافة، كما أفهمه كلامه، وأما غير التلو فلا بد من نصبه مطلقًا، نحو: "هذا معطي زيدٍ أمس درهمًا، ومعلمُ بكرٍ أمس خالدًا قائمًا"، والناصب لغير التلو في هذين المثالين ونحوهما فعل مضمر. وأجار السيرافي النصب باسم الفاعل لأنه اكتسب بالإضافة إلى الأول شبهًا بمصحوب الألف واللام وبالمنون، ويقوي ما ذهب إليه قولهم: "هو ظانُّ زيدٍ أمس قائمًا"، فـ"قائمًا" يتعين نصبه بـ"ظان"؛ لأن ذلك لو أضمر له ناصب لزم حذف أول مفعوليه وثاني مفعولي "ظان"، وذلك ممتنع؛ إذ لا يجوز الاقتصار على أحد مفعولي "ظن"، وأيضًا فهو مقتض له فلا بد من عمله فيه قياسًا على غيره من المقتضيات، ولا يجوز أن يعمل فيه الجر؛ لأن الإضافة إلى الأول منعت الإضافة إلى الثاني، فتعين النصب للضرورة.

الثاني: ما ذكره من جواز الوجهين هو في الظاهر، أما المضمر المتصل فيتعين جره بالإضافة، نحو: "هذا مكرمك"، وذهب الأخفش وهشام إلى أنه في محل نصب كالهاء من نحو: "الدرهمُ زيدٌ معطيكه"، وقد سبق بيانه في باب الإضافة.

الثالث: فهم من تقديمه النصب أنه أولى، وهو ظاهر كلام سيبويه لأنه الأصل، وقال الكسائي: هما سواء، وقيل: الإضافة أولى للخفة.


١ الطلاق: ٣.
٢ الزمر: ٣٨.
٣ الأنعام: ٩٦.
٤ البقرة: ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>