للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى ضمير الموصوف ونصبه على التشبيه بالمفعول به "كمحمودُ المقاصدِ الورع" أصله: الورعُ محمودةٌ مقاصدُهُ، فـ"مقاصده": رفع بـ"محمودة" على النيابة، فحول إلى "الورع محمود المقاصد" بالنصب على ما ذكر، ثم حول إلى "محمود المقاصد" بالجر.

"الفرق بين اسم الفاعل واسم المفعول":

تنبيه: اقتضى كلامه شيئين: الأول: انفراد اسم المفعول عن اسم الفاعل بجواز الإضافة إلى مرفوعه، كما أشار إليه بقوله: "وقد يضاف ذا"، وفي ذلك تفصيل؛ وهو أنه إذا كان اسم الفاعل غير متعد، وقصد ثبوت معناه عومل معاملة الصفة المشبهة، وساغت إضافته إلى مرفوعه؛ فتقول: "زيدٌ قائمُ الأب" -برفع "الأب" ونصبه وجره- على حد "حسن الوجه"، وإن كان متعديًا لواحد فكذلك عند الناظم بشرط أمن اللبس وفاقًا للفارسي، والجمهور على المنع، وفصل قوم فقالوا: إن حذف مفعوله اقتصارًا جاز وإلا فلا؛ وهو اختيار ابن عصفور وابن أبي الربيع، والسماع يوافقه، كقوله "من البسيط":

٧١٠-

ما الراحمُ القلبِ ظلامًا وإن ظلما ... ولا الكريم بمناع وإن حرما


٧١٠- التخريج: البيت بلا نسبة في الدرر ٥/ ٢٩٤؛ والمقاصد النحوية ٣/ ٦١٨؛ وهمع الهوامع ٢/ ١٠١.
اللغة: الراحم: العطوف والرءوف. الكريم: السخي. مناع: الذي يحرم.
المعنى: يقول: إن من كانت شيمته الرحمة والرأفة بالناس لا يظلمهم وإن ظلموه، أو أساءوا إليه، وكذلك من كان سيخًا، لا يمنع عطاءه عن الناس، أو يحرمهم وإن هم حرموه.
الإعراب: ما: نافية تعمل عمل "ليس". الراحم: اسم "ما" مرفوع، وهو مضاف. "القلب": مضاف إليه مجرور. ظلامًا: خبر "ما" منصوب. وإن "الواو": حرف عطف، "إن": حرف شرط جازم. ظلما: فعل ماضٍ للمجهول، وهو فعل الشرط، والألف للإطلاق، ونائب فاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره "هو"، وجواب الشرط محذوف. ولا: "الواو": حرف عطف، و"لا": زائدة لتأكيد النفي. الكريم: معطوف على "الراحم" مرفوع على أنه اسم "ما". بمناع: "الباء": حرف جر زائد، و"مناع": اسم مجرور لفظًا منصوب محلًّا على أنه خبر "ما". وإن: "الواو": حرف عطف، و"إن": حرف شرط جازم. حرما: فعل ماض للمجهول، وهو فعل الشرط، والألف للإطلاق، ونائب فاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: "هو".
وجملة "ما الراحم ... ": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "ظلمًا": في محل جزم فعل الشرط، وجملة "حرما" في محل جزم فعل الشرط.
الشاهد فيه قوله: "الراحم القلب" حيث أضاف اسم الفاعل "الراحم" إلى فاعله "القلب"، وأصل الكلام: "ما الراحم قلبُهُ"، وحذف المفعول رغم كونه مأخوذ من فعل متعد، لكنه حذف المفعول اقتصارا لعدم تعلق غرض المتكلم ببيان من وقعت عليه الرحمة، وفي هذا الحال يكون اسم الفاعل بمثابة ما أخذ من فعل لازم، فأشبه الصفة المشبهة، وأخذ حكمها فأضيف إلى فاعله.

<<  <  ج: ص:  >  >>