للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجاز المبرد والفارسي إسناد "نعم"، و"بئس" إلى "الذي"، نحو:"نعم الذي آمن زيدٌ"، كما يُسندان إلى ما فيه "أل" الجنسية. ومنع ذلك الكوفيون وجماعة من البصريين وهو القياس؛ لأن كل ما كان فاعلًا لـ"نعم"، و"بئس" وكان فيه "أل" كان مفسرًا للضمير المستتر فيهما إذا نزعت منه، و"الذي" ليس كذلك. قال في شرح التسهيل: ولا ينبغي أن يمنع؛ لأن "الذي" جعل بمنزلة الفاعل، ولذلك اطرد الوصف به.

الثاني: ذهب الأكثرون إلى أن "أل" في فاعل "نعم" و"بئس" جنسية، ثم اختلفوا فقيل: حقيقة، فإذا قلت: "نعم الرجل زيد" فالجنس كله ممدوح، و"زيد" مندرج تحت الجنس لأنه فرد من أفراده، ولهؤلاء في تقريره قولان:

أحدهما: أنه لما كان الغرض المبالغة في إثبات المدح للممدوح جعل المدح للجنس الذي هو منهم؛ إذ الأبلغ في إثبات الشيء جعله للجنس حتى لا يتوهم كونه طارئًا على المخصوص.

والثاني: أنه لما قصدوا المبالغة عدوا المدح إلى الجنس مبالغة ولم يقصدوا غير مدح "زيد"، فكأنه قيل: ممدوح جنسه لأجله. وقيل: مجازًا، فإذا قلت: "نعم الرجل زيد" جعلت "زيدًا" جميع الجنس مبالغة، ولم تقصد غير مدح "زيد"، وذهب قوم إلى أنها عهدية، ثم اختلفوا فقيل: المعهود ذهني كما إذا قيل: "اشترِ اللحمَ"، ولا تريد الجنس ولا معهودًا تقدم، وأراد بذلك أن يقع إبهام ثم يأتي التفسير بعده تفخيمًا للأمر. وقيل: المعهود: هو الشخص الممدوح، فإذا قلت: "زيد نعم الرجل"، فكأنك قلت: "زيد نعم هو"، واستدل هؤلاء بتثنيته وجمعه، ولو كان عبارة عن الجنس لم يسغ فيه ذلك، وقد أجيب عن ذلك -على القول بأنها للاستغراق- بأن المعنى أن هذا المخصوص يفضل أفراد هذا الجنس إذا ميزوا رجلين رجلين أو رجالًا رجالًا، وعلى القول بأنها للجنس مجازًا بأن كل واحد من الشخصين كأنه على حدته جنس، فاجتمع جنسان فثنيا.

الثالث: لا يجوز إتباع فاعل "نعم" و"بئس" بتوكيد معنوي. قال في شرح التسهيل: باتفاق، وأما التوكيد اللفظي فلا يمتنع، وأما النعت فمنعه الجمهور، وأجازه أبو الفتح في قوله "من الطويل":

٧٥١-

لعمري وما عمري علي بهين ... لبئس الفتى المدعوُّ بالليل حاتمُ


٧٥١- التخريج: البيت ليزيد بن قنافة في خزانة الأدب ٩/ ٤٠٥، ٤٠٧؛ والدرر ٥/ ٢٠٣؛ وشرح =

<<  <  ج: ص:  >  >>