ومنها إلى مدينة دلاص وهي في الضفة الشرقية من معظم النيل وعلى بعد ميلين منه نحو من مسير يومين وبمدينة دلاص هذه تصنع اللجم الدلاصية المنسوبة صنعتها إليها وهي مدينة صغيرة عامرة جليلة وصناعة الحديد بها قائمة الذات كثيرة المصنوعات ومدينة دلاص كانت في أيام القبط كثيرة الديار مثبتة في ذكر الأمصار إلا أنها الآن في وقتنا هذا ليست بالكبيرة لأن البرابر من لواتة وشرار العرب تسلطوا على أطراف عمارات هذه البلاد فأفسدوها فقل ساكنوها لذلك وينتهي هذا الخليج إلى الفيوم ويصل إلى بحيرة أقنى وتيهمت وسنستقصي ذكر ذلك في موضعه من الإقليم الثالث بحول الله.
وأما ترفة وسمسطا فضياع وقصور بعيدة من معظم النيل على مسافة ميلين منه وهما عامرتان بالناس وفيهما مزارع للقصب السكري ويعمل بها من السكر والفانيذ ما يقوم بأكثر ديار مصر ويستغنى به عن غيره وجميع بلاد مصر تتقارب مسافاتها فلا يكون بين البلد والبلد أكثر من يوم أو يومين وهي لا تفارق ضفتي النيل من كلتا الناحيتين وعماراتها متصلة ومن مصر إلى أسوان مسافة خمس وعشرين مرحلة وقد ذكرنا في هذا الجزء ما فيه كفاية وبلاغ.
نجز الجزء الرابع من الإقليم الثاني والحمد لله ويتلوه الجزء الخامس منة إن شاء الله تعالى.