إن هذا الجزء الثاني من الإقليم الثاني تضمن في حصته من الأرضين بقية صحراء نيسر وجملة أرض فزان بما فيها من المدن وكذلك أيضا تحصل فيه جملة بلاد من أرض زغاوة السودان وأكثر هذه الأرضين صحار متصلة غير عامرة وجهات وحشة وجبال حرش جرد لا نبات فيها والماء بها قليل جدا لا يوجد إلا في أصل جبل أو في ما اطمأن من سباخها وبالجملة إنه هناك قليل الوجود يتزود به من مكان إلى مكان وأهل تلك الأرضين يدلون في أكنافها وطرقاتها ويجولون في ساحاتها ووهادها وجبالها.
وفي هذه الصحاصح المذكورة يقع أقوام رحالة ينتقلون في أكنافها ويرعون مواشيهم في أدانيها وأطرافها وليس لهم ثبوت في مكان ولا مقام بأرض وإنما يقطعون دهرهم في الرحلة والانتقال دائما غير أنهم لا يخرجون عن حدودهم ولا يفارقون أرضهم ولا يمتزجون بغيرهم ولا يطمئنون إلى من جاورهم بل كل أحد منهم يأخذ حذرة وينظر لنفسه قدر جهده وأهل المدن الذين يجاورونهم من أجناسهم يسرقون أبناء هولاء القوم الرحالة الذين يعمرون هذه الصحارى ويسرون بهم في الليل ويأتون بهم