البربر فأزعجوهم إلى الصحارى المجاورة للبحر المظلم فنزلوها وبها قبائلهم إلى الآن متفرقة بنواحيها وهم أصحاب إبل ونجب عتاق رحالة لا يقيمون بمكان واحد ولباس الرجال منهم والنساء أكسية الصوف ويربطون على رؤوسهم عمائم الصوف المسماة بالكرازي وعيشهم من ألبان الإبل ولحومها مقددة مطحونة وربما جلبت إليهم الحنطة والزبيب لاكن الزبيب أكثر لأنهم كثيرا ما ينقعون الزبيب في الماء بعد الدق ويشربون صفوه نقيعا حلوا وفي بلادهم العسل كثير وجل طعامهم وأحفله الطعام المسمى بالبربرية آسلوا وهو أنهم يأخذون الحنطة فيقلونها قليا معتدلا ثم يدقونها حتى تعود جريشا ثم يمزجون العسل بمثله سمنا ويعجنون به تلك الحنطة على النار ويضعونه في مزاود لهم فيأتي طعاما شهيا وذلك أن الإنسان منهم إذا أخذ من هذا الطعام ملء كفه وأكله وشرب عليه اللبن ثم مشى بقية يومه ذلك لم يشته طعاما إلى الليل.
وليس لهم مدينة يأوون إليها إلا مدينة نول لمطة ومدينة آزقى للمطة أيضا فأما مدينة نول الغربية فمنها إلى البحر ثلاثة أيام ومنها إلى سجلماسة ثلاث عشرة مرحلة ومدينة نول مدينة كبيرة عامرة على نهر يأتي إليها من جهة المشرق وعليه قبائل لمتونة ولمطة وبهذه المدينة تصنع الدرق اللمطية التي لا شئ أبدع منها ولا أصلب منها ظهرا ولا أحسن منها صنعا وبها يقاتل أهل المغرب لحصانتها وخفة محملها وبهذه المدينة قوم يصنعون السروج واللجم