في وسط الطريق إلى مدينة سلى وتكرور وكذلك من مدينة بريسى إلى اودغشت اثنتا عشرة مرحلة واودغشت من بريسى شمالا وليس في بلاد السودان شيء من الفواكه الرطبة إلا ما يجلب إليها من التمر من بلاد سجلماسة أو بلاد الزاب يجلبه إليهم أهل وارقلان الصحراء والنيل يجرى في هذه الأرض من المشرق إلى المغرب وينبت على ضفتيه القصب الشركي وشجر الأبنوس والشمشار والخلاف والطرفاء والأثل غياضا متصلة وبها تقيل وتسكن مواشيهم وإليها يميلون ويستظلون عند شدة الحر وحمية القيظ وفي غياضه الأسد والزرائف والغزلان والضبعان والأفيال والأرانب والقنافذ وفي النيل أنواع من السمك وضروب من الحيتان الكبار والصغار ومنه طعام أكثر السودان يتصيدونه ويملحونه ويدخرونه وهو في نهاية السمن والغلظ وأسلحة أهل هذه البلاد القسي والنشابات وعليها عمدتهم والدبابيس أيضا من أسلحتهم يتخذونها من شجر الأبنوس ولهم فيها حكمة وصناعة متقنة وأما قسيهم فإنها من القصب الشركي وسهامهم منه وكذلك أوتارها من القصب وبناء أهل هذه البلاد بالطين والخشب العريض الطويل عندهم قليل الوجود وحليهم النحاس والخرز والنظم من الزجاج والباذوق ولعاب الشيخ وأنواع المجزعات من الزجاج المؤلف.
وهذه الأمور والحالات التي ذكرناها من المطاعم والمشارب واللباس والحلى يفعلها أكثر السودان في جميع أرضهم لأنها بلاد حر ووهج شديد وأهل المدن منها يزرعون البصل والقرع والبطيخ ويعظم عندهم كثيرا ولا حنطة عندهم