للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الثياب الحسنة الدقيقة الجيدة المنسوبة إليها ما يحمل ويتجهز به التجار إلى جميع الآفاق في كل وقت وحين ما ليس يقدر على عمل مثله في غيرها من البلاد والأمصار لجودته وحسنه وشرب أهلها من المواجل وآبارها غير عذبة ويحيط بالمهدية سور حسن مبني من الحجارة وعليها بابان من حديد لفق بعضه على بعض من غير خشب وليس يدرى في معمور الأرض مثلهما صنعة ووثاقة وهما من عجائبها الموصوفة وليس لها جنات ولا بساتين نخل وإنما يجلب إليها شيء من الفواكه من قصور المنستير وبينهما في البحر ثلاثون ميلا والمنستير قصور ثلاثة يسكنها قوم متعبدون والأعراب لا تضرهم في شيء من شجرهم ولا من عماراتهم وبهذا المكان أعني المنستير يدفن أهل المهدية موتاهم يحملونهم في الزوارق إليها فيدفنونهم بها ثم يعودون إلى بلدهم وليس بالمهدية جبانة تعرف في وقتنا هذا والمهدية في حين تأليفنا لهذا الكتاب مدينتان إحداهما مدينة المهدية والثانية مدينة زويلة ومدينة المهدية يسكنها السلطان وجنوده وبها قصره الحسن البناء العجيب الاتقان والارتقاء وكان بها قبل ان يفتحها الملك المعظم رجار في سنة ثلاث وأربعين وخمس مائة طيقان الذهب وكانت مما يفتخر به ملوكها واستفتحت المهدية وسلطانها يومئذ الحسن بن علي بن يحيى بن تميم بن المعز بن باديس بن المنصور بن بلقين ابن زيري الصنهاجي وبمدينة زويلة الأسواق الجميلة والمباني الحسنة والشوارع الواسعة والأزقة الفسيحة وأهلها تجار مياسير نبلاء ذوو أذهان ثاقبة وأفهام