واحدة وبناء واحدا من الحجر الكذان الذي لا يجانسه شيء في الجودة وعلى أعلى كل قوس من هذه القسي بحر دائر وقد صور في البحر الدائر على القسي السفلى أنواع من الصور وضروب من التماثيل العجيبة الثابتة في الصخر من صفات الناس والصناع والحيوانات والمراكب وكل ذلك قد أتقن بأبدع صنعة وأحذق حكمة وسائر البناء الأعلى أملس لا شيء به ويقال إن هذا البناء كان ملعبا ومجتمعا في فصل ما ويوم ما من السنة ومن عجائب البناء بقرطاجنة الدواميس التي يبلغ عددها أربعة وعشرين داموسا في سطر واحد طول كل داموس مائة وثلاثون خطوة في عرض ست وعشرين خطوة ولكل داموس منها أقباء في أعلاه وبين كل داموس منها وصاحبه أثقاب وزراقات تصل منها المياه من بعض إلى بعض كل ذلك بهندسة وحكمة وكان الماء يجري إلى هذه الدواميس من عين شوقار التي هي بقرب القيروان وطول مسافة جري هذا الماء من العين إلى الدواميس ثلاث مراحل وكان جري الماء من هذه العين إلى هذه الدواميس على عدة قناطر لا يحصى لها عدد وجري الماء بوزنة معتدلة وهذه القناطر قسي مبنية بالصخر فما كان منها في نشز الأرض كان قصيرا وما كان منها في بطن الأرض وأخاديدها كان في نهاية العلو وهذا من أغرب شيء أبصر على وجه الأرض والماء في وقتنا هذا مقطوع عن هذه الدواميس لا يصل إليها منه شيء كل ذلك أوجبه خراب مدينة قرطاجنة ومع ذلك إنها من يوم خرابها