في جميع حالاتها وهي برية بحرية وكان لها من الغلات في سالف الزمان القطن المنسوب إليها الذي لا يجانسه صنف من أصناف القطن وكان بها وإلى الآن ديار لدباغ الجلود البقرية والنمور الواصلة إليها من أوجلة وهي الآن يتجهز منها المراكب والمسافرون الواصلون إليها من الإسكندرية وأرض مصر بالصوف والعسل والزيت وتخرج منها التربة المنسوبة إليها فينتفع بها الناس ويتعالجون بها مع الزيت للجرب والحكة وداء الحية وهي تربة غبراء وإذا ألقيت في النار فاحت لها رائحة كرائحة الكبريت وهي فظيعة الدخان كريهة الرائحة والطعم.
ومن برقة إلى مدينة أوجلة في البرية عشر مراحل بسير القوافل وكذلك من برقة إلى أجدابية ست مراحل وهي من الأميال مائة واثنان وخمسون ميلا ومن برقة إلى الإسكندرية إحدى وعشرون مرحلة وهي من الأميال خمس مائة ميل وخمسون ميلا والأرض التي بينهما يقال لها أرض برنيق.
وأجدابية مدينة في ضحضاح من حجر مستو كان لها سور فيما سلف وأما الآن فلم يبق منها إلا قصران في الصحراء والبحر منها على أربعة أميال وليس بها ولا حولها شيء من النبات وأهلها الغالب عليهم يهود ومسلمون تجار ويطوف بها من أحياء البربر خلق كثير.
وليس بأجدابية ولا ببرقة ماء جار وإنما مياههم من المواجل والسواني التي يزرعون عليها قليل الحنطة والأكثر الشعير وضروب من القطاني والحبوب ومن أجدابية إلى أوجلة خمس مراحل.